[الأرجوزة التي قالها الشيخ في أمريكا]
السؤال
فضيلة الشيخ! نرجو من سعادتكم ذكر الأرجوزة التي قلتها في رحلتك إلى أمريكا ولك الشكر؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله صحبه وسلم تسليماً كثيراً هذه الأرجوزة هزلية من بحر الرجز، وبحر الرجز حمار الشعراء، يجوز لكل إنسان أن يركب هذا الحمار، لأنه خفيف لطيف، وهذه الأرجوزة قلتها في مؤتمر أكلاهوما شمال الولايات المتحدة، الذي عقد للطلبة العرب المسلمين هناك، وهي قصيدتان: جدية وهزلية، أما الجدية فعنوانها: أمريكا التي رأيت: وأبياتها تخاطب الأمة الإسلامية، قلت فيها:
يا أمة ضرب الزمان بها جموح المستحيل
وتوقف التاريخ في خطواتها قبل الرحيل
سكبت لحون المجد في أذن المجرة والأصيل
وسقت شفاه الوالهين سلافة من سلسبيل
يا أمة كم علقوا بكيانها خيط الخيال
وهي البريئة خدرها فيض عميم من جلال
شاهت وجوه الحاقدين بكف خسف من رمال
موت أتاتورك الدعي كموت تيتو أو جمال
يا أمة في عمرها لم تحي إلا بالجهاد
كفرت بمجلس أمن من نصب المنايا للعباد
القاتلي الإنسان خابوا ما لهم إلا الرماد
جثث البرايا منهم في كل رابية وواد
ما زرت أمريكا فليـ ست في الورى أهل المزار
بل جئت أنظر كيف ند خل بالكتائب والشعار
لنحرر الإنسان من رق المذلة والصغار
وقرارنا فتح مجيد نحن أصحاب القرار
ورأيت أمريكا التي نسجوا لها أغلى وسام
قد زادني مرأى الضلا ل هوىً إلى البيت الحرام
وتطاولت تلك السنون فصار يومي مثل عام
ما أرضهم أرض رأيت ولا غمامهم غمام
أما الأرجوزة الهزلية فاسمها نشرة الأخبار، قلت فيها:
يقول عائض هو القرني أحمد ربي وهو لي ولي
مصلياً على رسول الله مذكراً بالله كل لاهي
قد جئت من أبها صباحاً باكراً مشاركاً لحفلكم وشاكراً
وحملتنا في السما طيارة تطفح تارة وتهوي تارة
قائدها أظنه أمريكي تراه في هيئته كالديك
يا سائل الأخبار عن أمريكا اسمع رعاك الله من يفتيكا
وهذه أخبار هذي النشرة مسافة السير ثلاث عشرة
من الرياض عفشنا ربطنا وفي نيويورك ضحىً هبطنا
أنزلنا في سرعة وحطنا وقد قصدنا بعدها واشنطنا
ثم ركبنا بعدها سيارة مستقبلين جهة السفارة
منزلنا في القصر أعني ريديسون يا كم لقينا من قبيح وحسن
وبعدها زرنا مباني الكونجرس ولم نجد مستقبلاً ولا حرس
بها ملايينٌ حوت من الكتب في كل فن إنه هو العجب
في بلد أفكاره منكوسة تثقله بصائر مطموسة
يقدسون الكلب والخنزيرا ويبصرون غيرهم حقيراً
ما عرفوا الله بطرف ساعة وما أعدوا لقيام الساعة
فهم قطيع كشويهات الغنم هزل وجد وضياع ونغم
فواحش قد أظلمت منها السما والأرض منها أوشكت أن تقصما
من دمر العمال في بولندا ومن أتى بالرق في يوغندا
من دمر البيوت في نجزاكي من ضرب اليونان بالأتراك
ومن الذي ناصر إسرائيلا حتى تصب عنفها الوبيلا
استيقظوا بالجد يوم نمنا وبلغوا الفضاء يوم قمنا
منهم أخذنا العود والسيجارة وما عرفنا نصنع السيارة
ومعنا في صحبنا العجلان أكرم به مع العلا جذلان
وصالح المنصور من بريدة يشبه سعداً وأبا عبيدة
والشهم عبد القادر بن طاشي ذو القلم السيال في انتعاش
فهو أبونا في مقام الترجمة لأننا صرنا صخوراً معجمة
ملاحظة: صفق الحضور بعد إكمال الشيخ الأبيات، فعلق الشيخ على التصفيق بما يلي:
أيها الإخوة الكرام! كما قلنا في المحاضرة نحن نتحاكم إلى مظلة الإسلام والإيمان والحب والطموح، وإسلامنا ينهانا عن التصفيق، والتصفيق ليس من الإسلام، وليس فيه تصفيق في مثل هذه المبشرات، لأن الله ذكر التصفيق فقال: {وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال:٣٥].
لكن نحن أمة التكبير، كان الفارس منا إذا غلب قرينه في المعركة كبر، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا بشرهم بخير كبروا، فنحن أمة التكبير لأن ديننا كبير وأصالتنا كبيرة، ورسالتنا كبيرة، أما التصفيق فهو للمسارح ولغيرنا، ونحن لغيره.