[أعظم العظماء محمد صلى الله عليه وسلم]
موت بعض الناس موتٌ لأمة، وموت أمة لا يساوي موت واحد، وأعظم العظماء محمد عليه الصلاة والسلام، وأكبر الزعماء وإنسان عين الدنيا رسولنا وحبيبنا عليه الصلاة والسلام، يموت كما يموت الناس: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر:٣٠].
وينتقل إلى الله لكن مبادئه لم تنتقل، مليار مسلم اليوم سبَّاباتُهم تشهد أن لا إله إلا الله، وفي عنق كل مسلم يدٌ بيضاء للرسول عليه الصلاة والسلام كما يقول شوقي:
المصلحون أصابعٌ جمعت يداً هي أنت بل أنت اليد البيضاءُ
يقول البردوني، أعمى القلب والبصر، شاعر اليمن ولا زال حياً: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [الجاثية:٢٣].
يقول قصيدةً يحيي فيها رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، قصيدة تبكي العيون وتثير في القلب شجون الله أعلم بها من شجون، ويهاجم الطغاة المتمردين على شريعته، فيقول:
بشرى من الغيب ألقت في فم الغار وحياً وأفضت إلى الدنيا بأسرارِ
بشرى النبوة طافت كالشذى سحراًَ وأعلنت في الدنا ميلاد أنوارِ
ثم يقول في آخر القصيدة:
نحن اليمانين يا طه تطير بنا إلى روابي العلا أرواح أنصارِ
أنا ابن أنصارك الغر الألى سحقوا جيش الطغاة بجيش منك جرارِ
إذا تذكرتَ عمَّاراً وسيرته فافخر بنا إننا أحفاد عمَّار
إنها بديعة، وإنها جزلة، وإنها مؤثرة؛ لكن ربما يخرج الورد من الشوك، مات عليه الصلاة والسلام، ولكن كأن الأمة ماتت يوم موته.
لعمرك ما الرزية فقد مالٍ ولا شاةٌ تموت ولا بعيرُ
ولكن الرزية موتُ شهم يموت بموته بشرٌ كثيرُ
ويتولى عمر إلى الله ويذهب، ويُرثى بمرثية، ويبكيه شاعر مسلم، وربما نسب هذا إلى الجن؛ لكن دعونا في عالم الإنس حتى يأتينا سندٌ جيد أن الجن قالوه:
جزى الله خيراً من إمامٍ وبارَكَتْ يدُ الله في ذاك الأديم الممزقِ
من هو عمر؟
يقول أبو البقاء أحد علماء الأندلس: كُفِّنَت سعادةُ الإسلام في أكفان عمر، كان حاجزاً أو عازلاً لا يخترقه الصوت، فلما قتل دخلت الفتن، وبصبص الأذناب، وتكلم المرتزقة، وتصدر السفلة، لما قُتِل ذهب ذاك اللموع الذي عاشته الأمة الإسلامية؛ فنسأل الله أن يعيد مجدنا كما كنا:
كم صرفتنا يدٌ كنا نصرفها وبات يملكنا شعبٌ ملكناهُ
المقصود من هذا: أن الأدب المؤمن الملتزم يحول الأنظار والأفكار، ويحيي الأمة فتعيش مع الأدب رسالة خالدة، وأشجاناً ولوعة وأسى.