[حكم الغناء في الشريعة الإسلامية وأضراره]
الأمر الثالث: حكم الغناء في الإسلام:
تقول عائشة هنا: تغنيان؛ فهل الغناء وارد وجائز أم لا؟
أما قولها في الحديث: {تغنيان} تبين هذه الرواية رواية {وليستا بمغنيتين} أي: لا تجيدان الغناء، والغناء في الإسلام هو الغناء الذي يصاحبه وتر أو طبل أو ناي أو مزمار فهو حرام نص عليه الرسول صلى الله عليه وسلم على تحريمه، وفي القرآن ما يشير إلى ذلك قال أعز من قائل: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً} [لقمان:٦].
قال ابن مسعود في "لهو الحديث": أقسم بالله إنه الغناء، وفي صحيح البخاري عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف} واستحلالها أي: بعد التحريم، فهي محرمة إذاً.
وقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ} [الإسراء:٦٤] قال بعض أهل العلم: أي بالغناء.
والغناء كما يقول ابن مسعود: [[ينبت النفاق في القلب كما ينبت البقل من المطر]] فحرام على المؤمن أن يسمع أذنيه الغناء الذي يصاحبه وتر أو عود أو ناي أو غيرها من الآلات الموسيقية، فإن كان من المرأة؛ فهو أشد تحريماً وأغلظ قبحاً وأشد سوءاً، نسأل الله العافية والسلامة.
ومن أضرار الغناء: أنه يصد عن ذكر الله عز وجل، ويعمي القلب، ويشغل عن الطاعة، ويفوت المقصود، ويحبب الجريمة من الزنا، والفاحشة.
قال عمر بن عبد العزيز لأبنائه: [[إياكم والغناء فإنه بريد الزنا]] وقال ابن القيم في كتاب مدارج السالكين: الغناء بريد الزنا، فما استمعه إنسان وداوم عليه إلا حبب إليه الفاحشة وهون عليه حدود الله عز وجل، وحمله إلى أن يقترف المعصية إلا من عصم الله.
وقال عقبة بن عامر لأبنائه: إياكم والغناء؛ فإنه يشغل عن كتاب الله عز وجل ويصد عن طاعته.
ومنها: أنه يزرع النفاق في القلب، فإن الذي يستمع الغناء صباح مساء يوجد فيه شعبة من النفاق العملي، فهو يظهر للناس الخير ويبطن السوء من كثرة ما استمع.
ومنها: أنه يوجد وحشة بين العبد وبين الله عز وجل، فلا يجد أنساً بذكر الله، ولا أنساً بقراءة القرآن كما قال ابن القيم:
قرئ الكتاب فأنصتوا لا خشيةً لكنه إنصات لاغ لاه
وأتى الغناء فكالحمير تراقصوا والله ما سجدوا لأجل الله
فأهل الغناء يجدون من روعة صوت الغناء ما لا يجدون في القرآن، حتى إذا أتيت بأحسن مقرئ وأجمل صوت وقراءة حزينة مبكية لا يتأثرون ولا يبكون، فإذا سمعوا الغناء هشوا وبشوا وارتاحوا له.
فهذه أضرارا الغناء التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين حكمها.