للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[نكوص العلماء عن قول الحق]

السبب الحادي عشر: نكوص العلماء عن قول الحق: يعني: أن يسكت العلماء، وأن يخرس الدعاة، وألاَّ يتكلم أحد، يعني: قل الحق بسلامة، قل الحق بأسلوب، قل الحق بحكمة، لا أن تسكت {لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الْأِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة:٦٣] فهذا سكوت أهل العلم أن يخرسوا ويسكتوا وألاَّ يتكلموا وألاَّ يبينوا للناس، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} [البقرة:١٥٩ - ١٦٠] الآن من يحفظ حديثاً، أو آية، يجب عليه أن يبلغها بالحكمة كما سمعها، يقول عليه الصلاة والسلام: {بلغوا عني ولو آية} ويقول: {نضر الله امرءاً سمع مني مقالة فوعاها فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع} إن مسألة نفسي نفسي ليست في الدنيا هي في الآخرة يقولها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أما في الدنيا فلا تقل نفسي نفسي، أنت والناس، أنت مسئول عن حيك، وعن جارك، وعن بيتك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم:٦] أما أن يسكت الناس بحجة أنهم لا دخل لهم بذنوب الناس، فهذا ليس بصحيح، يقول صلى الله عليه وسلم في الصحيح: {من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان} والساكت عن الحق شيطان أخرس، ويوم سكت عن المعاصي استمرأها أهلها وتجرءوا عليها وأصبحوا يجاهرون بها مجاهرةً.

حدثنا بعض العلماء في الرياض: أن رجلاً كان يحمل مسجلاً جعل فيه شريط أغنية وخرج، وكان مفتي الديار الشيخ: محمد بن إبراهيم -رحمه الله- موجوداً في الرياض، فأتى هذا يجاهر في السوق بهذه الأغنية نصحه الناس فما انتصح، فأخذه رجل من الهيئة وذهب به إلى الشيخ: محمد بن إبراهيم وأقيمت الدنيا وأقعدت وأخذ مسجله وأحرقه أمام الناس وكتب فيه تشهيراً، وقرئ بعد صلاة الجمعة، وعزر تعزيراً بالغاً.

الآن أصبح هذا الفعل نضحك منه، تمر بالشارع والأغاني من كل جهة وبالمحلات وبالسيارات، وأنت لا تستطيع أن تقول اترك الأغنية، لأنه تدخل في الحريات، الآن العلمانيون يقولون: ما لله لله وما لقيصر لقيصر، ويقولون: الدين مسألة شخصية لك أنت وحدك لا تتدخل في حريات الآخرين، ولا تجرح شعور الآخرين، والله يقول: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ} [آل عمران:١١٠].

<<  <  ج:
ص:  >  >>