المسألة الثالثة لطلبة العلم: هو التحصيل العلمي للعلم الشرعي، لا أشرف في الحياة بعد الفرائض من طلب العلم الشرعي! والتحصيل وتحقيق المسائل هو الهدف الأكبر والنبيل الذي يشغف له طلبة العلم.
ولو كان هناك أشرف من طلبة العلم العاملين لاستشهدهم الله سبحانه على ألوهيته {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[آل عمران:١٨].
فيا طلبة العلم: استشهدكم الله على وحدانيته وعلى ألوهيته؛ فقوموا بالشهادة بحقها وهو العمل والتحصيل، والتحصيل معناه: أن تبذل وقتك وجهدك في تحصيل العلم الشرعي، في تقييد الفوائد، وفي حضور مجالس العلم، وفي استصحاب الكتاب الإسلامي، والشريط الإسلامي، وأن يكون وقتك ويومك، وليلك ونهارك، كله تحصيلاً علمياً.
إن الوقت رخيص عند المسلمين إلا من رحم الله، لكن عند أعداء الله غالٍ وعزيز، كيف يرخص الوقت عندنا؟! أليس عندنا قرآن وسنة، أما عندنا فرائض ونوافل؟! {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ}[المؤمنون:١١٥ - ١١٦] تعالى الله أن يخلقنا للعبث.
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون:١١٥] فيا من سار وراء المجلة الخليعة! أفحسبتم أنما خلقنكم عبثاً؟! ويا من سارت حياته وراء الأغنية الماجنة! أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً؟! ويا من قضى ليله ونهاره في الجلسات التي لا تنفع ولا تجدي! أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً؟! ويا من جلس في المقاهي والملاهي التي تصُدُّ عن ذكر الواحد القهار! أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً؟!
أنت مسلم، أنت طالب علم ومعنى ذلك: أن تحفظ لحظاتك وسكناتك مع الله، يقول ابن تيمية: إنه لا يحق لي أن أضيع وقتاً من حياتي، إذا فترت بدأت في الذكر - أي من العبادة- ويقول: إنها لتعجم علي المسألة الواحدة فأسبح وأذكر الله وأستغفره أكثر من ألف مرة، فيفتحها الله عليَّ.
سبحان الله! الله هو الفتاح العليم، فمسألة التحصيل وحفظ الوقت من أعظم القضايا التي ينبغي أن تغرسها في ذهنك، نحن أمة ليست عاطلة، لا ينبغي أن نشكو العطالة والبطالة وأين نقضي الوقت؟! نسمع الشاب يقول: تعال نقضي الوقت، تعال نقطع هذا اليوم، تعال نمضي هذه الساعات، سبحان الله! أمسلم وطالب علم يشتكي من طول الوقت؟ لا والله! يقول عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح:{نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ}.