[خطورة الرياء وعلاجه]
السؤال
نرجو من فضيلتكم التعرض بشيء من الكلام عن الشرك الخفي؛ الذي هو الرياء المنتشر بين كثير من طلاب العلم، فنجد الطالب يناقش شيخه، وهو أحياناً قد يجادل معه في الكلام عند إحدى المسائل، وقد يفتح باب المراء وهو لا يعلم، فنرجو الموعظة في هذا وجزاكم الله خيراً؟
الجواب
مرض الرياء والشرك الخفي -كما ورد عن السلف الصالح - مرضٌ خطير، وكثيرٌ من الناس يبتلى به، وكفارته: {اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم} ولو أنه تكلم في سند هذا الحديث، لكنه عند كثير من أهل السنة مما يقبل العمل به، وهو في درجة الحسن.
وقد شكا الصحابة إليه صلى الله عليه وسلم من هذا المرض -مرض الرياء- فقال: {ليقل أحدكم: اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم} وفي الصحيحين من حديث جندب قال: قال صلى الله عليه وسلم: {من راءى راءى الله به، ومن سمَّع سمَّع الله به} فمن طلب بعمله رؤية الناس ليروه راءى الله به على رءوس الأشهاد، وفضحه، ومقته، وكذلك من سمع، وعند مسلم في الصحيح: {من عمل عملاً أشرك فيه معي غيري تركته وشركه}.
وصح عنه صلى الله عليه وسلم: {أول من تسعر بهم النار ثلاثة: منهم قارئ قرأ القرآن، يقول الله عزوجل له: ألم أعلمك القرآن؟ قال: بلى يا رب، قال: فماذا عملت به؟ والله أدرى، قال: تعلمته فيك، وعلمت الجاهل، فيقول الله تعالى: كذبت، وتقول الملائكة: كذبت، ويقول الله: خذوه إلى النار، فيدهده على وجهه في النار -ثم ذكر الصنفين الآخرين- ثم قال: أولئك أول من تسعر بهم النار} ومقصود التوحيد: هو الإخلاص، وثغر الشرك هو الرياء.
فلذلك الفيصل بين الرياء وبين الإخلاص أن تقصد بعملك وجه الله عزوجل {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة:٥] {أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر:٣] وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: {إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى}.
إذاًَ: على المسلم أن يتقي الله في إخلاصه، وعلاج الرياء ثلاثة أمور:
أولها: أن يعرف أن الناس لا يملكون ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياةً، ولا نشوراً، وأن النفع من الله الواحد الأحد، وأنه هو الذي يملك الثواب، ويملك الأجر، وعنده سُبحَانَهُ وَتَعَالَى كل نفع.
الأمر الثاني: أن يعرف قدر الناس، وضعفهم وقلتهم {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرّاً وَلا نَفْعاً وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً} [الفرقان:٣] والله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الزمر:٦٥] وقال في المرائين والمشركين: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُوراً} [الفرقان:٢٣].
الأمر الثالث: من ابتلي بشيء فعليه أن يلتجئ للواحد الأحد، وأن يصدق مع الله، ويستغفر {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران:١٣٥] ويقول: {اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً وأنا أعلم وأستغفرك لما لا أعلم}.