[المطعم الحرام]
وأقبحُ ذلك وأخبثُه الربا، وقد قال عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم: {إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً} والربا محرم، وهو أكثر سبب حجب به الدعاء من أن يرتفع إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
والأمة الآن تدعى إلى الربا، ويجر أبناء هذا الشعب جراً على وجوههم إلى أن يقعوا في حمأة الربا، وتُعْلَن الإعلانات على الشاشة وفي الراديو، وفي الصحف والمجلات المحلية والعالمية، إلى الاكتتاب والمساهمة، وهذا أمر خطير إن لم نقف ضده.
ولنعلنها صريحة بقوة وشجاعة وبيان، وإلا فسوف تقع الأمة في كارثة لا يشابهها في كارثتها إلا ما فعلت دولة إسرائيل أو الصهاينة في العالم، وهذا الذي يراد لهذا البلد أن يجر جراً إلى هذه المأساة العميقة.
لا أريد أن أفصل كثيراً، فقد سبق في خطبة الأمس بعنوان: (الحرب في ذكرى الحرب) شيءٌ من هذا؛ لكنني أحيلكم على فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز عالم البلاد، وقد أرسلها قبل أسبوع، وطلب من الخطباء والأئمة والدعاة قراءة هذه الفتوى، وهي موجودة في هذا المسجد؛ توزع وتصور ليقوم الأئمة والأساتذة والدعاة والخطباء بقراءتها ونشرها؛ لأنها لم تُنْشر في وسائل الإعلام، ولأنها لو نُشِرَت لكان هناك تضاد، أن يُعْلَن عن الاكتتاب والاستهام في بنك الرياض، وبعدها بخمس دقائق يقولون: وقد أفتى سماحة الشيخ بكذا، فسحبوا هذه الفتوى، وأعلنوا المساهمة ودعوة الناس إلى الاكتتاب وجرهم إلى الربا وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً} [الأنعام:٩١] وقال: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ} [البقرة:٨٥].
ففتوى سماحة الشيخ -أحياناً- تُخْرَج إذا كان لها مصلحة، ولكنها تُخْفَى إذا لم يكن هناك مصلحة، وتضر بمصالح الذين يريدون الربا في العالم.
فواجبنا نحن أن نقف مع سماحة الشيخ، فقد استشاط غضباً مما فُعِل ومما حَدَث، فإن ذلك استهتار بشريعة الله.
لماذا هذا؟ كيف تدعو عشرة ملايين إلى أن يرابوا ويحاربوا الله بالربا، ويذهبوا إلى بنوك تناطح السحاب وتتحدى شريعة الله، وتلغي شرع محمد صلى الله عليه وسلم؟ ما هو واجبك؟ كيف تخرج معي لصلاة الاستسقاء وأموالك في البنوك الربوية؟ تخرج تدعو الله أن ينزل المطر، وقد جاء في الحديث: {ثم ذكر الرجل أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء، ومطعمه حرام وملبسه حرام، فأنى يستجاب له؟!}.
أهل الباطل إيجابيون في باطلهم ومؤثرون، وأهل الحق سلبيون إلا من رحم ربك، فأنا أعرف آلاف الملتزمين والمستقيمين بشرع الله والأخيار، لكنهم لا يَدْعُون ولا يؤثرون ولا يقفون مع الكلمة الحية الصادقة، ولا ينشرونها في الناس، ولا يدافعون عن الحق.
فأنت لا شك أنك تجلس في مجلس ومعك جيران، وتلتقي بالناس، ولك مَجامِع وزملاء، ولك أصدقاء، فأين موقفك من الدعوة إلى فتوى سماحة الشيخ؟
إذا رَفَضَت الشاشة -مثلاً- والصحف أن تُخْرِج فتوى سماحة الشيخ، فما هو البديل إذاً؟ إنه المنبر؛ إنه أنت، تقرؤها وتعلنها في الناس.
وإنما أحذر؛ لأن البلاد إذا استمرت على هذا الوضع، فسوف تنهار فيما يقارب العشر سنوات، وقد قالها الكثير من المحللين، وقد ذكر ذلك محمد أحمد الراشد في أشرطة له ألقاها في مدينة فينيكس بولاية أريزونا بـ أمريكا.
فهذه قاصمة ظهر، فانتبهوا! وقفوا ضد هذا المخطط الرهيب لجر الناس إلى المراباة وإلى الاكتتاب بحجة تنمية المال، والدعايات المغرضة، ثم تُلْغَى صلاتُنا وصيامنا ودعاؤنا، ونصبح في قطيعة مع الله ما بعدها قطيعة.