للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إجابته عن كيفية نزول الوحي]

سُئِلَ عليه الصلاة والسلام - كما في الصحيحين سأله p=١٠٠٠٦٤١>> الحارث بن هشام البطل المسلم وكان أخاً لـ أبي جهل , سبحان من يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي.

أبو جهل مجرم في نار جهنم (فرعون هذه الأمة) والحارث بن هشام اهتدى, وسمع لا إله إلا الله، مع العلم أن الحارث بن هشام كان مع المشركين يوم معركة بدر قائداً حربياً معه سيف ورمح ودرقة، ولما نزلت الملائكة تقاتل, ورأى المهاجرين, وشباب الأنصار يقتحمون الموت, ويشربون الدم مثلما يشربون الماء فر على بغلته، رأى أمراً لا يطاق؛ فهجاه حسان وقال:

إن كانت كاذبة التي حدثتني فنجوت منجى الحارث بن هشام

ترك الأحبة أن يقاتل دونهم ونجى بفضل طمرة ولجام

فكانت كالخنجر في قلبه؛ فأتى فأسلم، وقال: والله لا يطهرني إلا أن أموت في سبيل الله، فخرج إلى اليرموك وقتل هناك.

بـ قندهار ومن تكتب منيته بـ قندهار يرجم دونه الخبر

قال الحارث بن هشام: {يا رسول الله! كيف يأتيك الوحي؟

قال: يأتيني أحياناً مثل صلصلة الجرس وهو أشده علي}.

إذا أتى عليه الوحي من مثل هذا النوع؛ جلس عليه الصلاة والسلام إن كان واقفاً، وإن كان جالساً اتكأ واضطجع، وإن كان مضطجعاً اتكأ.

قال زيد بن ثابت: {نزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجله على فخذي، فكادت رجله أن ترض فخذي}.

وكان إذا نزل عليه الوحي وهو على الناقة أخذت الناقة تصيح بين النوق وترغي, ثم تناخ في الأرض وتمد جرانها فينزل من عليها.

وربما اضطجع وكشفوا عليه أو جعلوا عليه صلى الله عليه وسلم الغطاء فيسمع له صلى الله عليه وسلم غطيطاً، قال تعالى: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلاً} [المزمل:٥ - ٦] فهذا أشد شيء عليه.

وأحياناً يأتيه الملك في صورة رجل فيكلمه، وهذا أسهل شيء.

وقد أتاه جبريل مراراً وتكراراً في صورة دحية بن خليفة الكلبي، وكانت له صورة جميلة.

ورآه مرتين -كما في الصحيح- في صورته التي خلقه الله عليها، له ستمائة جناح، كل جناح قد سد ما بين المشرق والمغرب.

قال أحد السلف: "إذا كان للطائر جناحان كيف تركب الجناح الثالث؟! فما بالك بملك له ستمائة جناح!! ".

وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {رأيت جعفر الطيار يطير في الجنة من شجرة إلى شجرة، ورأيته يطير مع الملائكة} رضي الله عنه وأرضاه، أبدله الله جناحين باليدين الجميلتين التي قطعت في سبيل الله.

حضر المعركة فقدم يده فقطعوها، فقدم الثانية فقطعوها، وفي الأخير أخذ الراية بحضنه -وكان من أشجع الناس- فضربوه حتى قتلوه؛ فأبدله الله جناحين يطير بهما في الجنة, فهو يطير مع جبريل وإسرافيل وميكائيل في كل منزل من منازل الجنة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>