وأما أهل السنة فقالوا: يرى في الآخرة ولا يرى في الدنيا، وأما يوم المزيد فهذا موقف الفصل، ففي الجنة خصص الله سبحانه يوم المزيد، والصحيح أنه يوم الجمعة، فيدعو سبحانه وتعالى، عباده فيدنو سبحانه وتعالى فيري عباده وجهه الكريم، وأما في العرصات فإن الله سبحانه وتعالى يراه المؤمنون كما في حديث جرير بن عبد الله، يقول:{نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر قال: إنكم سترون ربكم كما ترون القمر لا تضارون في رؤيته -وفي لفظ: لا تضامون-} تضارون: تألمون وتتألمون، وتضامون: أي تتزاحمون.
فعقيدة أهل السنة والجماعة: أن الصالحين يرون الله عز وجل في العرصات، وفي الجنة من باب أولى، أما المعتزلة فقالوا: لا في العرصات، ولا في الجنة.
قال عليه الصلاة والسلام:{فمررت على موسى عليه السلام قال: ما فرض الله لك على أمتك؟ قال: فرض خمسين صلاة، قال: فارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعني فوضع شطرها فرجعت إلى موسى قلت: وضع شطرها، فقال: راجع ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك} قال أهل العلم: جزى الله موسى عن أمة محمدٍ خير الجزاء فإنه أحسن عليه السلام في طلب المعذرة والتخفيف عن الأمة المحمدية، ومقصود البخاري من باب كيف فرضت الصلاة أن يبين متى فرضت وفي أي مكانٍ فرضت، وكم عدد ركعاتها، وقد رتب كتابه ترتيباً عجيباً، ولذلك يقول ابن رجب: استفتح البخاري هذا الكتاب بباب: (كيف فرضت الصلاة في الإسراء) ليبين أن أول ما يتكلم في الموضوع أو في الباب لا بد أن يبين فرضية هذا الباب وهي الصلاة.