أما الكبر: فهو أعظم صارف عن الهداية، قال تعالى:{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}[الأعراف:١٤٦] فالمتكبر لا ينقاد للحق ولا يهديه الله سواء السبيل بسبب كبره، وأعظم صارف لليهود عن الدخول في الإسلام هو: الكبر والحسد، وإلا فيعرفون أن الرسول صلى الله عليه وسلم من عند الله {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ}[البقرة:٨٩] ونعلم من بعض الناس الذين أثرت فيهم النزعة العلمانية، وتعاليم وأساليب العلمانية أنه ما يمنعه من سلوك الهداية وطلب العلم والاستفادة إلا الكبر، وإلا فهو يعلم أنه مخطئ ومذنب، فعسى الله أن يجازيه بفعله.
والثاني: الغفلة، قال تعالى:{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ}[الأعراف:١٧٩] فالغفلة حجاب وهي الغفلة عن ذكره سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، والغفلة عن الآخرة؛ والغفلة عن تعاليم الرسول صلى الله عليه وسلم؛ والغفلة عن منهج الله.
تجد بعض الناس -أعوذ الله ممن ركب الضلالة- بارع في علوم الدنيا، ومعطياتها، ومتحدث لبق؛ لكنه لا يعرف من الإيمان ولا من الدين شيئاً، فقيه في كل شيء إلا في الإسلام، عالم في كل شيء إلا في لا إله إلا الله وما يتعلق بلا إله إلا الله، يستطيع أن يتكلم ثلاث ساعات لكن في العمار والدور والقصور والأمطار والأشعار والأشجار والخضروات والفواكه؛ لكن إذا أتيت به في أبسط أمور العبادة لا يعرف شيئاً، وهذا دليل على الخسران والخذلان، يقول صلى الله عليه وسلم في الصحيحين:{من يرد الله به خيراً يفقه في الدين}.
الثالث: الخبث في النفس: أي: أن بعض الناس مهما سمع ودعي لا يستجيب لخبث نفسه، قال تعالى:{وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ}[الأنفال:٢٣]{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[الصف:٥].
الأمر الرابع: التسويف: فإن كثيراً من الناس لم يستجيبوا بسبب التسويف، ولذلك لامهم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، وقال:{ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ}[الحجر:٣] قال بعض المفسرين: استخدم (سوف) بالعتاب واللوم عليهم؛ لأنهم كانوا يعتذرون بسوف كل يوم، وكثير من الناس المعرضين كلما خاطبته بالتوبة وبالصلاة وبالعودة إلى الله قال: سوف أتوب، وهذه هي من علامات الحرمان ومن بذر بذرة (سوف) أخرجت له شجرة (لعل) وأثمرت له ثمراً يسمى (ليت) طعمه الحسرة والندامة.
أيها الفضلاء: انتهت محاضرة (سؤال وجواب) وعسى الله أن يجمعنا بكم في دار الكرامة.