فضيلة الشيخ حفظك الله: قرأت حديثاً للرسول صلى الله عليه وسلم معناه: {أنزلوا الناس منازلهم} أرجو توضيح مدى صحة هذا الحديث، وإذا صح؛ فهل معناه أن الدين الإسلامي يفرق بين الناس؟
الجواب
قوله صلى الله عليه وسلم:{أنزلوا الناس منازلهم} في مقدمة الإمام مسلم للصحيح عن عائشة قالت: {كان صلى الله عليه وسلم ينزل الناس منازلهم} وهذا الحديث رواه أبو داود ووصله، وسنده حسن، فما دام صح هذا الحديث وقبل فمعناه والله أعلم: أي اجعلوا لكل شخص ما يناسبه من التبجيل والإكرام والتقدير والاحترام، وهذا في الآداب والحقوق، وهذا في السلوك لا في المقاضاة، فإنه ليس معنى أن ننزل الناس منازلهم أن يأتي كبير غني وفقير متخاصمان، فننزل ذاك منزلته ونعطيه حق هذا الفقير، هذا إجحاف وهذا مناف لمعنى الحديث، فهذا معناه في الآداب وفي الحقوق العامة، أن نعطي كل إنسان ما يناسبه، فإن بعض الناس يناسبه أن تجلسه في صدر المجلس، وبعضهم لا بأس أن تجلسه في طرف المجلس، وبعضهم يناسبه أن تمشي وتشيعه ماشياً حافياً وأن تقدم حذاءه له لعلمه وجلالته وفضله وتقواه ونبله، فلا بأس بذلك.
فإنزال الناس منازلهم إعطاء كل ذي حق حقه، وعند مسلم في كتاب الصدقات:{أن عائشة رضي الله عنها وأرضاها جاءها فقير فأعطته درهماً، فجاءها رجل أحسن حالاً من الفقير الأول فأعطته ديناراً، فسئلت عن هذا فأجابت: أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان ينزل الناس منازلهم} إذاً: معناه أن نعطي كل إنسان ما يستحق، وأن نتفضل على الناس بما يناسبهم.
يقول الإمام الشافعي كما في ترجمته في سير أعلام النبلاء: ما رفعت إنساناً فوق مقامه إلا حطني عن مقامي أو كما قال، فالمقصود: أن نعطي كل ذي حق حقه، لا نجحف ولا نقصر والله ولي الهدى والرشاد.