[الإسلام لا يعرف البطالة]
كان هناك رجل عابد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم: {من ينفق عليه؟ قالوا: أخوه، قال: أخوه خير منه}.
وورد في بعض الآثار أن الرسول صلى الله عليه وسلم صافح رجلاً فوجد يده خشنة من العمل، قال: {إن هذه يد يحبها الله} هذه اليد الخشنة التي تأخذ وتزاول وتفعل يحبها الله، ومن المصائب أن الأمة الآن تعيش في بطالة، وكثير من الناس حتى الشباب الآن تجده ملتزماً مستقيماً لكن فيه بطالة، ويأتيه الشيطان ويترك الدراسة، والوظيفة، والعمل، وإذا قيل له: أتشتغل في البنشر؟ قال: هذا عيب في سوبر ماركت؟ قال: عيب أنا فلان أتنازل إلى هذا!! إذاً في مزرعة، قال: عيب، إذاً في مكتبة؟ قال: عيب، إذاً في التسجيلات؟ قال: عيب، وهكذا تأتيه الأنفة حتى يكون بلا عمل، وليس كل ذلك بعيب إنما العيب في البطالة، والعيب أن يجلس الإنسان عاطلاً وكلاً على أبيه مثل: الحجر الأدرن، لا تبني به ولا يتدحرج.
ولذلك تجد بعضهم عندهم تصوف هندوكي، وتخيلات في الحياة، يجلس في البيت حتى تأتيه الوسوسة.
لماذا لا تدرس؟ قال: الدراسة في الكليات ليس فيها بركة، ولماذا لا تعمل؟ قال: ما وجدت عملاً يناسبني، قال: ماذا تريد؟ قال: إن شاء الله أتزوج فيما بعد وأبحث عن عمل مناسب، ودائماً يتدين من الناس، ولو أدركه عمر بن الخطاب لمرغه في التراب.
كان في عهد عمر شباب دخلوا المسجد يعبدون الله عز وجل، وظنوا أنها سوف تنطلي هذه البطالة على عمر؛ لأن عمر يقوم على الدولة الإسلامية، التي أقيمت على {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة:٥] وكان يلاحظ كل ما يجري، ويلاحظ كل منحى، ويسأل عن الداخل والخارج، وعن أمور الشباب والعلم، والقصاصين، والوعاظ، وعن كل دقيقة وجليلة يحاسب الناس، دخل المسجد وإذا مجموعة في الضحى، والناس في المزارع يشتغلون، والأنصار العباد الذين قدموا أنفسهم في بدر وحنين يسقون النخل، وهذا يجر الدلو من البئر ويصب، وهذا نجار، وهذا خشاب، وهذا يبيع السمن، وهذا يبيع العسل، وهذا يبيع الغنم، وعمر بنفسه يبيع ويشتري في السوق، إلا هذه المجموعة في المسجد!! قال عمر: [[من أنتم؟ قالوا: عبَّاد.
قال: سبحان الله! -كأن: عمر ليس بعابد؛ لأنه جاء من خارج المسجد! - قال: فمن يأتي لكم بطعامكم؟ قالوا: جيرانٌ لنا -أي أنهم يبقون في المسجد وقت الغداء، فإذا حانت الساعة الثانية أتى الأكل- انظروا العبادة كيف تكون!! قال عمر: انتظروا قليلاً -ظنوا أنه على العادة أنه سيأتي بأكل فذهب فأتى بالدرة- وتعرفون ما الدرة؟ وهذه درة عند عمر تخرج الشياطين من الرءوس، وهذه الدرة ما ضُرب بها إنسان إلا خرج سليماً بإذن الله، وزاد عقله ورشده، وأصبح يعرف طريقه! فأخذ الدرة، وأغلق أبواب المسجد وأتى يضربهم ضرباً حتى يبطحهم فلما أدماهم، قال: اخرجوا إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، فأخرجهم من المسجد، وأغلق أبواب المسجد]] أي أن الإسلام لا يقر الإنسان أن يبقى عالة وأيضاً متى كانت هذه الأعمال عيباً، متى كانت النجارة والخشابة، والبنشر عيباً؟! العيب: هو ترك هذه الأمور، أما هذا فهو شرف في الحياة، فقد عمل عليه الصلاة والسلام، وعمل أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وقال صلى الله عليه وسلم: {لأن يأخذ أحدكم أحبلة فيذهب إلى جبل من الجبال، فيحتطب على ظهره فيبيع ويشتري خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه}.