وقال صلى الله عليه وسلم:{ومن يسر على معسر} المعسر: تطلق على من أعسر في الدين، فتيسر عليه بأن ترجئه، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة:٢٨٠] أي: تنظره إلى أن ييسر الله عليه، ولا تلح عليه وأنت في سعة، ولا تذهب به إلى القاضي، ولا ترفع أمره، ولا تفضح ستره، بل ترجئه من دينه حتى يفرج الله دينه، فإنك إن فعلت ذلك تجاوز الله عنك يوم القيامة، وهذا أمر معلوم، وقد قال عليه الصلاة والسلام:{من سره أن ينجيه الله عز وجل من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه} وممن يتجاوز الله عنهم يوم القيامة كما في الصحيحين: {رجلٌ كان يداين الناس في الدنيا، فيقول لكتابه: تجاوزوا عن فلان علَّ الله أن يتجاوز عنا، ففي يوم القيامة يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: تجاوزوا عنه -وفي لفظ- أنا أولى بالكرم منك تجاوزوا عنه} أي: لست أكرم مني، ما دمت تجاوزت أنت عن عبادي؛ فأنا أتجاوز عنك، فيتجاوز سُبحَانَهُ وَتَعَالى عنه ويدخله الجنة.
فقوله صلى الله عليه وسلم:{من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة} وبعض أهل العلم يقول: إن من وجد معسراً فأسلفه وأقرضه مالاً وأعطاه يدخل في هذا، بل يدخل في هذا دخولاً أولياً.
وهذا من التراحم، والجزاء من جنس العمل، ومن رحم الأمة رحمه الله، وفي صحيح مسلم تقول عائشة رضي الله عنها:{كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو في بيتي هذا: اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به} فالجزاء من جنس العمل.