للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[قيام الليل]

العامل الثالث من العوامل التي تقرب من الله عز وجل: قيام الليل، ونشكو حالنا إلى الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في قيام الليل، وقد وصف الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عباده فقال: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات:١٧ - ١٨] وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [السجدة:١٦] وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن مؤمني أهل الكتاب: {لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران:١١٣] فمدحهم بالتلاوة في آناء الليل، والرسول عليه الصلاة والسلام كان يحث الناس على قيام الليل.

وقيام الليل يحصل ولو بركعتين قبل الفجر، ولو بما يقارب النصف أو الثلث ساعة لتكون من الذاكرين الله في تلك الساعة، وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عنه صلى الله عليه وسلم قال: {ينزل ربنا سُبحَانَهُ وَتَعَالَى إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل، فيقول: هل من سائلٍ فأعطيه؟ هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ هل من داعٍ فأجيبه؟} نزولاً يليق بجلاله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، لا نكيفه أو نمثله، ولا نشبهه أو نعطله.

وهذه الساعة تفوت كثيراً من الناس، ومن فاتت عنه فهو محروم أو مخذول إلا من مرض أو سهر لخيرٍ لابد منه أو سفر، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: {يا عبدالله -يقصد ابن عمر - لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل ثم ترك قيام الليل} وهذا الحديث في الصحيح، يقول ابن عمر: {كان الصحابة إذا رأى أحدهم رؤيا قصها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتمنيت أن أرى رؤيا لأقصها على الرسول صلى الله عليه وسلم -وهذا حديث صحيح- قال: وكنت شاباً أعزب أنام في المسجد لا أهل لي، قال: فنمت في المسجد فرأيت فيما يرى النائم أن رجلان أخذا بيدي وذهبا بي إلى بئرٍ مطوية فأشرفت عليها فخفت، فقالا لي: لا ترع لا ترع -أو لم ترع لم ترع، ضبطت كذلك قال: ثم أخذت قطعة من الإستبرق أو الحرير لا أشير بها إلى مكان في الروضة الخضراء إلا طارت بي، فلما أصبحت أخبرت أختي حفصة زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقصتها على الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: نِعْم عبد الله لو كان يقوم من الليل} قال نافع مولاه: [[فكان ابن عمر لا ينام من الليل إلا قليلاً وكان إذا سافر يصليثم يقول: يا نافع! انظر هل طلع الفجر، فإن قال: لا.

استمر في الصلاة، وإن قال طلع أوتر بركعةٍ ثم استقبل صلاة الفجر]].

<<  <  ج:
ص:  >  >>