للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[النبأ العظيم والقائد الأعظم]

وأعود فأقول: اسمع يا تاريخ! وسجل يا زمن! وقف يا دهر! لتعرف هذا النبأ الذي هز العالم كل العالم! والذي أوقف التاريخ كل التاريخ، إنه مبعثه عليه الصلاة والسلام: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ * عَنْ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ} [النبأ:١ - ٣].

ما هو النبأ العظيم، أهو اكتشاف الذرة؟ أم تسيير الهواء؟ أم تفجير الطاقة؟ أم نسف الجبال؟ أم تحويل الماء المالح إلى عذب؟ أم اكتشاف الكهرباء؟ لا.

بل هو وصول محمد عليه الصلاة والسلام إلى قيادة العالم، فقد تغيرت الدنيا لمبعثه عليه الصلاة والسلام.

الآن تتوافد قبائل العرب لتنظر إلى هذا العظيم، وهو في مكة؛ لباسه عادي لا يساوي ثلاثة دنانير، وخبزه الشعير، وينام في بيت متواضع، يقف مع العجوز الساعات الطوال، يحمل الأطفال، يحلب الشاة، لا يجد كسرة الخبز، ومع ذلك تتساقط عروش الظالمين كسرى وقيصر لماذا؟

لأنه كسر بسيوف العدل ظهور الأكاسرة، وقصَّر برماح التضحية آمال القياصرة.

إن محمداً عليه الصلاة والسلام كان بين الناس رجلاً، وبين الرجال بطلاً، وبين الأبطال مثلاً، عليه الصلاة والسلام.

تتساقط الشاهات والباباوات؛ لأنها بنيت على الظلم: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً} [الإسراء:٨١] {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمْ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ} [الأنبياء:١٨].

أيها الإنسان! يا بن آدم! يا مسلم! يا من يحترم نفسه! إن سعادتك مرهونة باتباعه عليه الصلاة والسلام، وإن أبواب الجنة بعد مبعثه أوصدت فلا تفتح إلا لأتباعه على دينه، وأنصاره على مبادئه، الذين يدعون إلى الله على بصيرة، لا يدعون فحسب ولا يخطبون وكفى، ولا يتلاعبون بالألفاظ، ولا يتشدقون، إنما هم على بصيرة: علم وعقل، وثبات وانضباط، يغلبون المصلحة على المفسدة، ويريدون أن يلحقهم الأذى في أنفسهم وأعراضهم، ولا يلحق الأمة والجيل، لتبقى الأمة مطمئنة آمنة في سكينة، لأنهم ينصحون لله ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ولكتاب الله ولأئمة المسلمين ولعامتهم، هؤلاء هم الذين يدعون إلى الله على بصيرة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>