للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الزهد في الدنيا]

الأمر الثاني: أن تقلل رغبتك في الحياة الدنيا، سلبت سمعك وبصرك وقوتك وأنت لا تزال تعمر حياتك:

يا عامراً لخراب الدار مجتهداً بالله هل لخراب الدار عمرانُ

جربت الفقر والغنى، وجربت الجوع والشبع، فلم تجد كطاعة المولى، والله مهما أكلت وشربت ولبست لن تجد كتقوى الله، قال أحد الخلفاء من بني العباس: " أكلت الأكل بأنواعه، وشربت الشرب بأنواعه، ونكحت الحلال، وجلست في صدور المجالس، وطَقْطَقَتْ بي البغال، وصُفَّ الجيشُ أمامي، وافترحتُ بالنصر، وخَفََقَت البنودُ على رأسي، فما وجدت كتقوى الله تبارك وتعالى ".

فأوصيك أن تقلل وأن تخفف فإن وراءك عقبة كئوداً، وإن أمامك منحنىً خطيراً.

دُخِل على أبي ذر وهو شيخ كبير فما وجد في بيته ما عنده إلا شملة وعصاً وقعباً كالصَّحْفَة.

لكن انظروا إلى بيوتنا الآن! انظروا ماذا فعلنا في البيوت؟! كنبات، ومأكولات، ومشروبات، وثلاجات، وبرادات، وسيارات، ومفروشات، والعمل لا يرضي رب الأرض والسماوات، زَيَّنا الجدران، ولَمَّعنا الحيطان، وأكثرنا من النمارق، ولكن عملنا قليل: صلاة مغشوشة، وأموالنا - إلا من رحم الله - في الربا، والزنا فاشٍ، والغناء منتشر.

فوصيتي لك -أيها الشيخ الكبير- أن تتوب، وأن تقلل من الحطام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>