قال سعد بن أبي وقاص خال الرسول عليه الصلاة والسلام لما التقينا يوم أحد قبل المعركة، والقتال آنذاك ليس كالقتال في هذا العصر، إنه قتال سيف ورمح وخناجر إنها الشجاعة تظهر نفسها، قال: فلما التقينا أخذني عبد الله بن جحش؛ وهو أحد أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام، فذهبت معه وراء الجبل وقال: يا سعد دعنا ندعو الله هذا اليوم بما شئنا، قال سعد: فدعوت الله بالنصر والتأييد، قال: فلما انتهيت، رفع كفيه وقال: اللهم إنك تعلم أني أحبك! اللهم إذا بدأت المعركة والقتال فلاق بيني وبين كافر من الكفار؛ شديد حرده، قوي بأسه يقتلني فيك -ولم يقل: أقتله- فيبقر بطني ويجدع أنفي، ويفقع عيني، ويقطع أذني، فإذا لقيتك يوم القيامة! وقلت لي: لم فعل فيك هذا؟! أقول: فيك يا رب! قال سعد: والله ما انتهت المعركة إلا ورأيته مقتولاً مبقوراً بطنه مجدوعة أنفه مقطوعة أذناه، فسألت الله أن يكمل له ما سأل، وكلها رخيصة في سبيل الله.
أرى كلنا يبغي الحياة بعيشه حريصاً عليها مستهاماً بها حبا
فحب الجبان النفس أورده البقا وحب الشجاع الحق أورده الحربا
أتى قتادة بن النعمان إلى الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد وسط المعركة، وقد ضربت عينه، فنزلت حتى أصبحت على خده -نزلت عينه بعروقها من مكانها، حتى سالت على خده- وقال:{يا رسول الله! أنظر لعيني! فقال عليه الصلاة والسلام: ادن مني، فدنا منه فأخذ براحته الشريفة ورد عينه مكانها وقال: باسم الله تبارك الله فعادت أحسن من العين الأخرى}.
يقول ابنه:
أنا ابن الذي سالت على الخد عينه فردت بكف المصطفى أحسن الرد
وهذه من الأيام المشهودة في تاريخ الإسلام، التي دفع أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام فيها أرواحهم رخيصة في سبيل الله، لتكون كلمة الله هي العليا.
ولينتصر الإسلام، ولتبقى شعائر الله، ويبقى القرآن، وأنا وأنت حسنات من حسنات جهدهم عبر التاريخ.