فإن بعض الناس لما رزقهم الله من الفطنة والفهم يعرفون بالعلامات والإشارات، فإن إبراهيم عليه السلام قرب الأكل للملائكة فما اقتربوا للأكل {فَلَمَّا رَأَى أَيْدِيَهُمْ لا تَصِلُ إِلَيْهِ نَكِرَهُمْ وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً}[هود:٧٠] يقول: لماذا لا يأكلون طعامي؟ لابد أن فيهم شيئاً، ثم خاف منهم؛ لأنهم إما أعداء فالعدو لا يأكل طعامك، وإما أنهم ملأ آخر خلقهم الله عز وجل ليس من حقهم الطعام.
فعلم أنهم ملائكة، فأخبروه في الأخير أنا لا نأكل الطعام؛ لأنهم جسم نوراني، لا يأكل الطعام ولا يشرب الشراب.
وهكذا خلق الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى خلقه وتصرف فيهم، فنحن خلقنا من الطين، نمشي على الطين، ثم ندس في الطين، وقوم خلقهم من النار، فهم دائماً في نار أحرقوا العالم ودمروا المعمورة وهم الشياطين، وقوم خلقهم من نور، فكلامهم نور، ويأتون بالنور، ويذهبون بالنور، ويسجلون النور، ويشهدون على أهل النور، وهم الملائكة، فلله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في خلقه شئون.