[نبذ التعصب]
وهذه المدرسة لا ترضى بالتعصب المذهبي ولا الحزبية المغلقة، فهي تعرف الرجال بالحق ولا تعرف الحق بالرجال، التعصب المذهبي كان وصمة في جبين الأمة الإسلامية على مر التاريخ، ولك أن تضحك ما شئت إذا قرأت المنتظم لـ ابن الجوزي أو البداية والنهاية أو أمثالها من الكتب، يذكر لك أن في سنة كذا وكذا تضارب الأحناف والحنابلة بالأحذية عند المسجد، كان عندهم خلاف في مسألة فرعية فتصارعوا عند المسجد بالأحذية، والروم يغزون شمال البلاد الإسلامية ويأخذون الممالك، ويدمرون المدن، ويستولون على بلاد المسلمين، وهؤلاء يتضاربون على سنة من السنن!
ثم يذكر لك صورة أخرى أن واعظ الشافعية قام ليعظ الناس فقام عليه الحنابلة فبطحوه أرضاً وضربوه، أهذه صورة تقدم؟! لأنه حنفي وأنا مالكي وهو شافعي وأنا حنبلي!!
لابد أن نعرف أن هؤلاء المجتهدين يريدون الحق -أقصد أهل المذاهب- لكن أن نجعل بين الأمة قواسم مذهبية فهذا خطأ خطير، والواجب على أهل السنة والجماعة -الآن- أن يسعوا إلى إنزال هذه اللّافتات والشعارات التي ما أنزل الله بها من سلطان، وإلى توحيد الكلمة وجمع الصف.
برمجة العبد في مسار ضيق وفي دائرة محدودة حتى يحب ويوالي من هذه النظرة الصغيرة الضيقة فلا يفهم إلا بهذا المنظار، ولا يقرأ إلا بهذا المنظار، ولا يسمع إلا في هذا المنظار، ولا يحب إلا من وافقه في هذا المسار ويكره من خالفه ولو كان فاضلاً!!
هذه ليست من الإسلام، وليس في القرآن إلا حزبان: حزب الله عز وجل وحزب الشيطان، فاجعل نفسك مع حزب الله عز وجل؛ فكل من والى في الله وقام بفرائض الله، وانتهى عن المحرمات التي حرم الله فهو أخوك، أما تمزيق الأمة إلى حزبيات ضيقة مغلقة متخلفة فهذه لا يريدها الإسلام وهي مدانة بحكم الشرع.
يقول ابن عباس رضي الله عنه وأرضاه وهو يسأل عن مسألة فأفتى فيها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال رجل: لكن أبا بكر وعمر قالا: كذا وكذا.
قال: يوشك أن تنزل عليكم حجارة من السماء؛ أقول: قال الله وقال رسوله، وتقولون: قال أبو بكر وعمر!! وهما هذان الشيخان الجليلان العظيمان، فكيف بغيرهم من الناس؟.
وهذه المدرسة تدعو إلى جمع الكلمة ونبذ الفرقة كما ذكرت سالفاً، وإلى مناصحة من ولاَّه الله الأمر بالحكمة والكلمة اللينة، فإن هذه فريضة على الرعية للراعي، والدعاء له بالصلاح في ظهر الغيب.
وهي مدرسة ليس عندها معصوم إلا الرسول صلى الله عليه وسلم، بعض الناس عندهم اثنا عشر معصوماً، أما نحن فليس عندنا إلا معصوم واحد، حتى لا يؤخذ كلام العلماء على أنه مسلم، بل يحتاج إلى عرض على الكتاب والسنة؛ ولذلك يقول بعض العلماء: كل يحتج لقوله إلا الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه يحتج بقوله.
فـ مالك وأحمد والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم يحتاج قوله أن يحتج له بقول المعصوم عليه الصلاة والسلام أو بقول الله تبارك وتعالى.