{وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ}[لقمان:١٢] ثم فسرها الله: {أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ}[لقمان:١٢] لا إله إلا الله ما أعظمها من حكمة! ورأسها شكر الله عز وجل، ولم يفسرها سبحانه وتعالى بمنصب أو بشهادة أو بمال، أو بثروة أو بمكتب أو بمطلوب، بل جعلها شكره سبحانه وتعالى.
قيل لأحد الصالحين: ما شكر الله؟ قال: أما شكر العينين فالبكاء -يعني: من خشية الله- وشكر القلب الحياء، وشكر اللسان الثناء، وشكر الأذنين الإصغاء.
هذا هو الشكر، يقول: شكر العينين البكاء، وعين بكت من خشية الله لا تمسها النار، وأما شكر القلب فالحياء من الله عز وجل؛ أن يعيش مراقبة الله وخشية الله، وأما شكر اللسان فالثناء على الله؛ التسبيح والتحميد، والذكر وتلاوة القرآن، هذا هو شكر اللسان، وشكر الأذنين الإصغاء للحكمة ولقول الله عز وجل.
والشكر ذكر في آيات كثيرة من القرآن أستعرضها معكم أيها الأبرار الأخيار! فإنا نسأل الله عز وجل أن ينظر إلينا في هذا المجلس نظر رحمة، وأن يعلم أنا اجتمعنا لذكره ولطاعته، أتينا من قبائل شتى، ومن أسر متعددة، ومن ألوان مختلفة، ومن أماكن متباينة، جمعنا الرضوان فيه سبحانه وتعالى والرحمة، ولعل الله أن يقول لنا في آخر المجلس: انصرفوا مغفوراً لكم فقد أرضيتموني ورضيت عنكم، فيا ربنا نسألك أن تغفر لنا ذنوبنا وخطايانا.
يقول الله عن الشكر:{وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}[آل عمران:١٤٤] ويقول سبحانه وتعالى في الشكر: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}[إبراهيم:٧] ويقول سبحانه وتعالى في الشكر: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}[آل عمران:١٢٣] وقال سبحانه وتعالى عن الشكر أيضاً لما ذكر سبحانه وتعالى آل داود قال: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}[سبأ:١٣] وقال سبحانه وتعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ}[البقرة:١٥٢].