ثم يواصل في عمله أو في عبادته حتى تأتي صلاة العصر فيصلي، أما من بعد العصر فهو وقت القرآن إلى الغروب، وأرى أن تخفف أعمال الدنيا بعد صلاة العصر، وأن يتشاغل الإنسان بالمصحف وفي المسجد أحسن، وكان السلف يجلسون في المسجد في رمضان بعد العصر، وأرى أن تبقى في مسجدك إذا لم يكن لك غرض في بيتك، فإنه:{ما جلس قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم؛ إلا حفتهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وتنزلت عليهم الملائكة، وذكرهم الله في من عنده} وجاء عند أبي داود وهو صحيح فيما أرى، ولو أن بعض الفضلاء يحسنونه، يقول صلى الله عليه وسلم:{لأن أقعد مع قوم يذكرون الله من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس؛ أحب إلى من أن أعتق أربعة} وهذا فضل عظيم، وهو أفضل من عتق أربع رقاب، فاجلس من العصر إلى صلاة المغرب واحتسبها في سبيل الله عز وجل.
فالمطلوب -يا أخي- مني ومنك أن نبقى في المسجد بعد العصر لنقرأ كتاب الله عز وجل، ونردده ونعيش معه ونتأمله، وإذا اقترب الغروب فعليك بالدعاء، وارفع أكف الضراعة، وعليك بجوامع الدعاء المأثورة عن معلم الخير عليه الصلاة والسلام، كأن تقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة، أو: اللهم إني أسألك العفو والعافية، أو: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، وغير ذلك من الأدعية.