أما فضله بين الصحابة، فأجمع أهل السنة أن أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم بقية العشرة ثم باقي أهل بدر ثم باقي أهل أحد ثم باقي أهل بيعة الرضوان ثم باقي الصحابة، هكذا حكى الإجماع عليه أبو منصور البغدادي.
روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما وأرضاهما قال:{كنا نخير بين الناس في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر ثم عثمان بن عفان} وزاد الطبراني في الكبير: {فيعلم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينكره علينا} يقرنا عليه.
وعند أحمد والترمذي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال من حديث أنس:{أرحم أمتي بأمتي أبو بكر} فهو كان رحيماً، رقيق القلب، عطوفاً على الأيتام والمساكين، وسبق معنا أن ابن القيم أشار إلى قصة أن عمر خرج وراء أبي بكر فوجده عند عجوز عمياء حسيرة يصنع لها الطعام.
تصور خليفة يذهب إلى امرأة مسكينة ضعيفة إلى ضواحي المدينة، ويترك أشغاله، ويترك أموره، ويأتي إليها فيكنس البيت، وكان بإمكانه أن يرسل خادماً، أو يستأجر إنساناً، لكن لأنه يعلم أنه سوف يلقى الله يوم يقوم الناس لرب العالمين، فيكنس البيت، ويصنع الطعام، ويقدم الأكل، فيقول عمر عندما دخل: من هذا الشيخ الذي يأتيك؟
قالت: لا أعرفه، لم يقل أنا أبو بكر الصديق، اذكروني للناس حتى يكون هناك دعاية! قالت: ما عرفته؟
قالت: فجلس عمر يبكي، ويقول: أتعبت الخلفاء بعدك، يقول: من يستطيع أن يواصل على هذه المسيرة لك؟