للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[صلاة التراويح]

ومن عبادات رمضان: قيام الليل، ومن أعظمها: صلاة التراويح، ذاك التضامن العالمي الهائل، يوم نجتمع صفوفاً وراء إمام واحد، يوم نتعلم الأدب والنظام، يوم نسكت لكلام الله -سُبحَانَهُ وَتَعَالَى- وهو يتلى علينا في هذه الوثيقة الربانية، يوم طأطأنا رءوسنا لنسمع كلام الحق لا كلام غيره، كما تعرفون في ميدان العدل بل ميدان الظلم في موسكو يقولون: كان قبل جرباتشوف إذا قرئت وثيقة لينين نكس الزعماء الروس في الكرملن رءوسهم حتى تنتهي الوثيقة ثم يخنسون كأنهم الضفادع -عليهم لعنة الله- لكن لما جاء هذا صاحب الانفتاح سحقها بجزمته: {كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا} [الأعراف:٣٨].

لما رأت أختها بالأمس قد خربت كان الخراب لها أعدى من الجرب

ونحن نقف خاشعين إذا سمعنا كلام الواحد الأحد، كما يقول سيد قطب عمر الله حياته في الجنة: "نحن أعلى الناس سنداً لأن الله يقول: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمْ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٣٩] ".

فسندنا يأتي من جبريل إلى رب السماوات والأرض، أما سندهم فمن استالين إلى لينين إلى الشيطان إلى النار والعياذ بالله.

فنحن نقف خاشعين لنسمع التلاوة في قيام رمضان، وليس قيام رمضان معناه عادة يتخذها الناس ولا تهيئات وأشواق تبث في الهواء فقط، وليست مسارح يبري الإنسان موهبته في التلاوة أو الدعاء أو يحفظ قصصاً عجيبة في الدعاء حتى إن بعضهم يجيد في الدعاء أكثر من القرآن، لكن إذا أتى الدعاء بكوا بكاءً عظيماً لأنه يحكي ملاحم مثل خطب ابن نَباتَة كأنه من كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور، فيقفي بالراء فيقول: اللهم يا عالم ما في الصدور، ويا غافر الذنوب ويا كاسر الظهور، ويبدأ في الراء نصف ساعة، ثم يأتي بالدال ثم بالحاء، فيذهب الخشوع ولو بكت العيون.

والسلف كانوا على السجية، ولم يكونوا يتكلفون -وهذا استطراد- وقد نبه عليه بعض العلماء -أثابهم الله- لنحيا مع القرآن، وقبل عامين اهتز الحرم هزة هي خير من ألف محاضرة، إمام وقف يقرأ في سورة محمد فقال: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ} [محمد:١٩] فرفع صوته: فاهتز الحرم بالبكاء.

فعِش مع القرآن خاصة إذا كان المقرئ صاحب نسك وعنده صوت جميل، فإنه التوفيق إذا حضرت القلوب الواعية.

أيها الإخوة! يقول عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: {من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه} كيف إيماناً واحتساباً؟ أي: يكون مؤمناً لا يكون منافقاً ولا يكون كافراً، واحتساباً: يطلب الأجر من الله، لا رياء ولا سمعة، فبعضهم قد يأتي مجاملة في صلاة التراويح، يجامل الجيران أو الخلان أو الإخوان، فليس له إلا الخسارة والندم يوم العرض الأكبر.

وفي حديث صحيح عن أبي ذر رضي الله عنه وأرضاه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له أجر تلك الليلة} فتبقى مع الإمام حتى ينصرف من صلاة التراويح يكتب لك أجر تلك الليلة.

يا إخوتي في الله! وفي السحر ركعتان جميلتان أو أربع أو أكثر.

يا إخوتي في الله! إنه وجد من الجيل من تسيب في رمضان وجعلوها لعب كرة وسوف أبين هذا في النقاط الآتية.

<<  <  ج:
ص:  >  >>