ثم حين ينشأ تعلمه أن هدفه عبادة الله عز وجل، لا تجعله عبداً للدرهم والدينار كما ينشأ أبناء الأمريكان الرأسماليين، فتعلقه بالمال صباحاً ومساء، تعلمه كيف يجمع الريال، وكيف يقتصد في صرفه، وكيف يتوظف وكيف يبني، فينشأ رأسمالياً كأنه من اليهود، واليهود يعبدون الدرهم والدينار من دون الله، كلامهم وفعالهم وحياتهم ومماتهم الدينار.
ولذلك ينشأ بعض الشباب لا يجيد الفقه في الدين؛ لا الصلاة ولا سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا التعاليم ولا اليوم الآخر، إنما ينشأ على حب الدرهم والدينار، وهذا يوجد في كثير من الأفلام التي أنتجتها الصهيونية العالمية للناس، حتى أفلام الكرتون تعلم الناس حب الدرهم والدينار تجد بيده فلساً، أو أفرنكاً، أو دولاراً، وهو يطارد أحد الناس ويمسكه بيده ويحاسبه ويضرب على الماسة أنه قد حصل على دولار، فينشأ الأطفال يحبون هذا المال، نحن لا نقول حب المال حرام، لكن نخشى أن يبلغ به حبه إلى أن يعبده من دون الله!
الرسول عليه الصلاة والسلام علمنا ألا نعبد الدرهم ولا الدينار، يقول:{تعس عبد الدرهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد الخميلة، تعس عبد الخميصة، تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش}.
وابن الجوزي يقول: بعض الناس ربوا أطفالهم على حب المال حتى نشأ من الناس من استولى المال على كيانه.
تصدقون أن أحد الأغنياء من البخلاء الذين بلغ بخلهم الحد الخطير في التاريخ ماذا فعل بماله؟ يقول ابن الجوزي لما حضرته الوفاة جمع ذهبه وجعله في جنيهات، ثم جعله في طوبة -بلكة من طين- ثم ردم ما عليه وجعله عند رأسه، فلما أتته سكرات الموت قال: ادفنوا هذه الطوبة معي، قالوا: لماذا؟، قال: أريدها أتبرك بها، فأرادوا دفنها معه، ولما أتوا يغسلونه أتى الماء على الطين فظهر الذهب، انظر يدخل بالذهب إلى القبر!
وقال: بلغ ببعض الناس يوم رُبيّ على عبادة الدرهم والدينار أنه لما حضرته سكرات الموت أخذ يبتلع الجنيهات في فمه ويدخلها بطنه لتموت وتدخل معه في القبر، وهذه هي من خطورة تربية الأبناء على حب المال، وعلى عبادة المال من دون الله عز وجل.
ومما يؤمر به العبد المسلم في تربية أبنائه: أن يعظم في البيت اسم الله واسم الرسول صلى الله عليه وسلم، لا يذكر إلا في المواطن الرفيعة، يرى المصحف ويقربه من ابنه يقول: قبل هذا، ويضعه على رأسه، ويضع المصحف ويقول: هذا كلام الله، هذا أنزله الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا ذكر الرسول قال: صلى الله عليه وسلم علمنا الهداية ونشر لنا الخير، وقادنا إلى سبل السلام.