للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

تفسير قوله تعالى: (وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)

{فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} [البقرة:٢٤] ما هي الحجارة؟ قالوا: حجارة الكبريت الأسود، قالها كثير من المفسرين أنها الكبريت الأسود الذي تحرق به النار، وهو أشد هيجاناً، وأشد حرارة وتلهباً، حتى يوم بلغ العلم الحديث ذروته، أصبحت أكبر المصانع في العالم، مصانع الاحتراق وإذابة الحديد تستخدم الكبريت الأسود، لكن لا تستوي الناران:

أما الخيام فإنها كخيامهم وأرى نساء الحي غير نسائها

فأعوذ بالله من نار وقودها الناس والحجارة، حتى يقول بعض المفسرين: سبحان الله! يقرن الناس وهم لحم ودم وعصب وجلد وعين وسمع وبصر، وهم مضغة بحجارة لا تسمع ولا تبصر ولا تعي، وهذا من أشد الإهانات، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [البقرة:٢٤] قيل: يوقدها الناس والحجارة، وقيل: يدخل الحجارة مع الناس من قلة المبالاة بهؤلاء الكفرة.

فرجل أعطاه الله سمعاً وبصراً وقلباً، ثم لا ينقذ نفسه من النار، أليس كالحجر؟ بلى.

رجل لم يعرف طريق الخير فهو مثل الحجر؛ لأنه لا حياة له، له سمع لا يسمع به، وله بصر لا يبصر به، وله قلب لا يفقه به، ولذلك جعل الله منزلته كمنزلة الحجارة: {إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً} [الفرقان:٤٤] لأن الأنعام لا عقول لها تكليفية، وأما هم فأوتوا العقول، ثم تردوا أشد من الحيوان والبهائم نسأل الله العافية والسلامة.

<<  <  ج:
ص:  >  >>