[حقيقة إيليا أبو ماضي وقصيدة للشيخ عائض]
السؤال
ما رأيك في الشاعر إيليا أبو ماضي؟
الجواب
هذا شاعر نصراني من المسيحيين اللبنانيين، وله الخمائل والجداول ثلاثة دواوين، وله ترب وترب، وهذا الشاعر نصراني -كما قلت- منحرف، وله قصائد تعارض لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفيها تهكم بالشرع، وهو صاحب:
جئت لا أعلم من أين! ولكني أتيت!!
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت!!
وسأبقى سائراً إن شئت هذا أم أبيت!!
كيف جئت كيف أبصرت طريقي لست أدري!!
ولماذا لست أدري؟!! لست أدري!!
وهو صاحب البيت السائر المشهور، وهو في شعره قوة يقول:
أحبابنا ما أجمل الدنيا بكم لا تقبح الدنيا وفيها أنتم
ومطلع القصيدة:
لم تشتكي وتقول إنك معدم والأرض ملكك والسما والأنجم
وله قصيدة أخرى قال:
قلت ابتسم ولئن جرعت العلقما
على كل حال أغنانا الله عنه وعن شعره بما آتانا من شعراء الإسلام، ومن شعراء الوحي، وبالمناسبة أنا أتلو عليكم قصيدة هنا حتى يختم وكان ابن عباس يرى أن يختم المجالس بمثل هذه الملح، وقال العراقي:
واستحسنوا الإنشاد في الأواخر
يعني في أواخر المجلس أن ينشد فيه شيء من الشعر، وهذه القصيدة عنوانها: (محمد في فؤاد الغار) وهو الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب الكلام هذه الليلة والمنهج الرباني:
محمد في فؤاد الغار يرتجف في كفه الدهر والتاريخ والصحف
مزمل في رداء الطهر قد صعدت أنفاسه في ربوع الكون تأتلف
من الصفا من سماء البيت جلله نور من الله لا صوف ولا خزف
والكفر يا ويحه غضبان من أسف لم يبقه الحقد في الدنيا ولا الأسف
ولا حمته سيوف كلها كذب في صولة الحق والإيمان تنقصف
أتى الرسول إلينا والربى جثث مطمورة وعليها يضحك القرف
والظالم المارد المعتوه محترم جماجم الجيل في أسيافه نطف
نجوع نأكل موتانا وسهرتنا أكل الضياع وليل أحمر دنف
جباهنا قبله تحنو إلى حجر وحفنة من لفيف التمر نعتلف
أعرابُ! ويحكم ماذا يقيمكم قومية ليس في آنافها أنف
على موائد كسرى كسرت همم من العروبة واندكت لنا كتف
فأشرقت بسمات الوحي وانقشعت تيجان من قتلوا الأحرار واعتسفوا
وحررت من بلاد الحق مهجته وضل ما نسج الباغون واقترفوا
وعاد أعظم قد لفت عمامته على الشريعة يحويها ويلتحف
أنا الجزيرة في عيني عباقرة الفجر والفتح والرضوان والشرف
أنا الجزيرة في أعماقها رقدت أشلاء أحمد تحوي نورها الغرف
أنا الجزيرة بيت الله قبلتها وفي حمى عرفات دهرنا يقف
جبريل يروي لنا الآيات في حلل من القداسات والأملاك قد دلفوا
من السماوات تهمي كل غادية على ديار بنوها بالعلا شغف
سكان دار العلا رواد كعبتها حجاب وجه الحيا والحق قد عرفوا
من الحثالات طهرنا مرابعها هزت مدافعنا الباغين فانصرفوا
وغسلت أدمع الأبرار تربتها الدر يبقى ويفنى الطين والخزف
الساكبون دماء الحق ما ظمئت روح ومن دمنا الموار تغترف
والساجدون ونجم الليل يشهد ما أضعنا فيه كمن غنوا ومن عزفوا
وقاتلت معنا الأملاك في أحد تحت العجاجة ما حادوا وما انكشفوا
سعد وسلمان والقعقاع قد عبروا إياك نعبد من سلسالها رشفوا
أكفانهم بدماء البذل قد صبغت الله أكبر كم في ساحها هتفوا
أملاك ربي بماء المزن قد غسلوا جثمان حنظلة والروح تختطف
وكلم الله من أوس شهيدهم من غير ترجمة زيحت له السجف
العرش يهتز من هول ومن حزن لـ سعد إذ سُفراء الوحي قد وقفوا
وسدرة المنتهى غريدة بسمت لأمة الضاد تهمي عندها التحف
لا اللوح ينسى ولا التاريخ يغفل عن مسيرة النور تروي مجدها السقف
سل المجرة هل نامت على حلم أحلى لها يوم أعلى نجمها السلف
وسل سهيلاً مع الزهراء هل نظرت أبهى من الثلة الأخيار يوم صفوا
كل البرايا على أصنامها عكفت وقومنا عند بيت الله قد عكفوا
جبلة العدل نيطت في تمائمنا إذا تظاهر دجال ومحترف
وهالة النور شعت بين أضلعنا وغيرنا عن سناء النور قد ضعفوا
ثوب من الهدي والفاروق ينسجه فيه صلاح ومأمون ومنتصف
هل أذن الفجر إلا في منائرنا والشرق والغرب بالطغيان ملتحف
ذابت عيون وأسماع وأفئدة حباً لمن حبه في الغار مكتنف
اقرأ فأنت أبو التعليم رائده من بحر علمك كل الجيل يغترف
إن لم تصغ منك أقلام معارفها فالزور ديدنها والظلم والصلف
تاريخنا أنت أمهرناك أنفسنا نمضي على قبسات منك أو نقف
على جماجمنا خُضْ كل ملحمة أغلى الرءوس التي في الله تقتطف
في كفك الشهم من حبل الهدى طرف على الصراط وفي أرواحنا طرف
فكن شهيداً على بيع النفوس فما تحوي الضمائر منا فوق ما نصف
اللهم صل وسلم وبارك عليه، صلاةً وسلاماً تعرضها الآن عليه في الروضة، وتبلغه سلامنا الآن وأشواقناوتحياتنا جزاء ما قدم لهذه المسيرة، ولهذه الأمة والملة، جزاء ما رفع من هذه الرءوس التي كانت مخفوضة، وشرح من هذه الصدور التي كانت ضيقة، وبصر من هذه العيون التي كانت عمياً، وأسمع من هذه الآذان التي كانت صماً.
أيها الإخوة: هذا الدرس -إن شاء الله- سوف يستمر مساء كل سبتٍ -ببركة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى وعونه- وهناك درس مساء كل جمعة سبق أن أعلن عنه في جامع الملك فهد، ولكن أطلب منكم هذه الجمعة التوقف، حتى ينسق مع مكتب الدعوة بـ أبها.
وأما هذا الدرس فسوف يستمر -إن شاء الله- حتى يأتي إعلان آخر عن درس مساء الجمعة، وسوف يكون في مادة التفسير بإذن الواحد الأحد، ويبدأ من أول سورة الفاتحة، فنسافر نحن وإياكم مع كتاب الله عز وجل، عله أن يكون نوراً لنا في القبور، ونوراً لنا يوم الحشر والنشور، وممضياً لنا على الصراط، ودافعاً لنا إلى الجنة بحول الواحد الأحد، أشكركم شكراً لا ينتهي، وأسأل الله أن يثيبكم على هذا الحضور، وأن يكرمكم بكرامة مدخرة عنده، وأن يكافئكم لحضوركم هنا، وترككم أعمالكم وأشغالكم وارتباطاتكم، ومشاغل الدنيا، وأعمالها وهمومها، وكلامها؛ لتجلسوا هنا في روضة تحفكم الملائكة، وتغشاكم السكينة، ويباهي الله بكم ملائكته الآن في السماوات العلى: {يا ملائكتي! انظروا عبادي أتوني يريدون ذكري وتسبيحي أشهدكم أني غفرت لهم}.
فأسأل الله أن يتمم لكم هذا الأجر، ويكافئكم جزاء ما أتيتم، وغيركم أتى إلى البارات، ومجالس اللهو، والأندية الحمراء والضياع، والملاعب اللاهية، وإلى الوتر والعود، فأنتم خير فريق وأزكى عملاً وأصوب رأياً، وأسدد منهجاً وأعلى سنداً:
هم القوم يروون المكارم عن أب وجدٍ كريم سيد وابن سيد
وهزتهم يوم الندى أريحيةٌ كأن شربوا من طعم صهباء صرخد
{رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران:١٩٣].
اللهم من جلس في هذا المجلس يريد رضاك، وجنتك ورحمتك ويريد أن يتفقه في الدين، وأن يستمع الموعظة، فأثبه واشرح صدره ويسر أمره، واستره في الدنيا والآخرة، وارفع منزلته، ومن جلس في هذا المجلس مستمعاً لا قاصداً وإنما رأى قوماً جلسوا فجلس فأدخله في كرامة هذا المجلس، فإنك قلت: {هم القوم لا يشقى بهم جليسهم} فلا تخرج من هذا المجلس شقياً ولا محروماً، واجعل تفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً.
سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.