هذا الحديث وحده جعله العلماء قاعدة من قواعد الدين، وهو أصل أصيل، وفيه فوائد:
الأولى: أدب السؤال، وهذا أمر افتقرنا إليه يوم افتقدنا مصدر التلقي من الكتاب والسنة، وكيف تسأل؟ وكيف تكون سائلاً؟
الثانية: حرص المسلم على طلب السؤال، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى:{فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}[النحل:٤٣].
الثالثة: الجواب الذي يجيبه عليه الصلاة والسلام، وأجوبته صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقسام:
١/المطابقة.
٢/ الجواب الحكيم.
٣/ الجواب بأكثر من السؤال.
المطابقة: كأن يفتي السائل، فيقول: نعم أو لا.
وجواب الحكيم: أن يترك السؤال ويفتي بجواب لسؤال آخر، مثل قوله تعالى:{يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ}[البقرة:١٨٩]
وأما الجواب بأكثر من السؤال فمثل حديث:{إنا نركب البحر ثم قال السائل: فهل نتوضأ بماء البحر؟ قال: نعم، هو الطهور ماؤه، الحل ميتته}.
والرسول عليه الصلاة والسلام استخدم (لا أدري) ثلاث مرات في حياته، فقد روى الحاكم بسند صحيح، قال عليه الصلاة والسلام:{لا أدري! أذو القرنين نبي أم لا؟ ولا أدري أتبعٌ لعين أم لا؟ ولا أدري هل الحدود كفارات لأصحابها أم لا؟}.
وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يجيب نظر إلى حال السائل فأعطاه جواباً يناسب حاله، فقد ثبت في حديث صحيح أن غيلان الثقفي أتاه وهو قوي البنية، وقال:{يا رسول الله! دلني على أفضل عمل.
قال: عليك بالجهاد} أعطى القوس باريها، وأتاه الشيخ الكبير ابن بُسر وقال:{دلني على عمل.
قال: عليك بذكر الله} وأتاه أبو أمامة فقال: {دلني على عمل؟ فقال: عليك بالصيام} لكن من يستطيع على هذه الأجوبة إلا رسول الهدى عليه الصلاة والسلام.