للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[فوائد من حديث جبريل]

هذا الحديث وحده جعله العلماء قاعدة من قواعد الدين، وهو أصل أصيل، وفيه فوائد:

الأولى: أدب السؤال، وهذا أمر افتقرنا إليه يوم افتقدنا مصدر التلقي من الكتاب والسنة، وكيف تسأل؟ وكيف تكون سائلاً؟

الثانية: حرص المسلم على طلب السؤال، قال سُبحَانَهُ وَتَعَالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:٤٣].

الثالثة: الجواب الذي يجيبه عليه الصلاة والسلام، وأجوبته صلى الله عليه وسلم على ثلاثة أقسام:

١/المطابقة.

٢/ الجواب الحكيم.

٣/ الجواب بأكثر من السؤال.

المطابقة: كأن يفتي السائل، فيقول: نعم أو لا.

وجواب الحكيم: أن يترك السؤال ويفتي بجواب لسؤال آخر، مثل قوله تعالى: {يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة:١٨٩]

وأما الجواب بأكثر من السؤال فمثل حديث: {إنا نركب البحر ثم قال السائل: فهل نتوضأ بماء البحر؟ قال: نعم، هو الطهور ماؤه، الحل ميتته}.

والرسول عليه الصلاة والسلام استخدم (لا أدري) ثلاث مرات في حياته، فقد روى الحاكم بسند صحيح، قال عليه الصلاة والسلام: {لا أدري! أذو القرنين نبي أم لا؟ ولا أدري أتبعٌ لعين أم لا؟ ولا أدري هل الحدود كفارات لأصحابها أم لا؟}.

وكان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يجيب نظر إلى حال السائل فأعطاه جواباً يناسب حاله، فقد ثبت في حديث صحيح أن غيلان الثقفي أتاه وهو قوي البنية، وقال: {يا رسول الله! دلني على أفضل عمل.

قال: عليك بالجهاد} أعطى القوس باريها، وأتاه الشيخ الكبير ابن بُسر وقال: {دلني على عمل.

قال: عليك بذكر الله} وأتاه أبو أمامة فقال: {دلني على عمل؟ فقال: عليك بالصيام} لكن من يستطيع على هذه الأجوبة إلا رسول الهدى عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج:
ص:  >  >>