قال سماحته: رابعاً: إن في ذلك إفساداً لقلوب العامة والخاصة.
فيوم يفسد قلوب العامة على العلماء وطلبة العلم حينها لا يقبلون منهم خطبة ولا نصيحة؛ حتى أني سمعت أن بعض الناس أهدى إليه شريط بعض الدعاة، فقال: لا أريد أن أسمع لهؤلاء، لمن يسمع إذاً؟! ما هو البديل؟! يسمع للخرافيين، وأهل البدع، ومرتزقة الأفكار، ومن باع دينه في سوق الرخص؟! يقول: لا أريد أن أسمع لهؤلاء، ويقول أحدهم: لا تحضر دروس هؤلاء؛ فهم يفهمون الدين بالمقلوب! سبحان الله! ومن الذي يفهم الدين إن لم يفهمه الدعاة والأخيار والأبرار من طلبة العلم.
قال: ونشراً وترويجاً للأكاذيب والإشاعات الباطلة، وسبباً في كثرة الغيبة والنميمة، وفتح أبواب الشر على مصاريعها لضعاف النفوس، الذين يدأبون على بث الشبه وإثارة الفتن، ويحرصون على إيذاء المؤمنين بغير ما اكتسبوا.
وهذه مهنة بعض الناس، يقول عنهم سبحانه وتعالى:{وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا}[البقرة:١٤] إذا لقيك ضحك لك، وهش وبش واحترمك، وبارك علمك وجهدك، ولكن إذا خلا رتع:
رب من أنضجت غيظاً صدره قد تمنى لي شراً لم يطع
ويراني كالشجى في حلقه عسراً مخرج ما ينتزع
مزبدٌ يخطر مالم يرني فإذا أسمعته صوتي أنقمع
وهذه الأبيات لـ أبي سويد الكاهلي، وهي من أجمل ما قيل.
قال سبحانه وتعالى:{وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ}[البقرة:١٤] يقولون لبعضهم: لنعط هؤلاء ما يصلح لهم من الكلمات، قال سبحانه وتعالى:{اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}[البقرة:١٥ - ١٦].