للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[خصائص أهل الحق]

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين، ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، والصلاة والسلام على إمام المتقين وقدوة الناس أجمعين، وعلى آله وصحبه والتابعين.

أيها الناس: نحن أهل لا إله إلا الله لنا مصادر عزة، ولنا انتماءات خالدة، ولنا خصائص ربانية لا يشاركنا فيها أحد، هذه نقف بها أمام أهل العلمنة، ونحن فخورون جداً أن نكون من أولياء الله -إن شاء الله- وواثقين من مبادئنا، فمن خصائصنا:

أولاً: أنا أمة وحي.

أي: أن دستورنا وعقيدتنا وشريعتنا وسلوكنا وأخلاقنا من الوحي، قال تعالى: {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [النجم:١ - ٤] وغيرنا إنما يأخذون قوانينهم من التراب والطين ومن أحذية المستعمرين، ونحن نأخذ عقيدتنا وشريعتنا من رب العالمين، يقول تعالى: {وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٣٩] أنتم الأعلون عقيدة ومنهجاً، وعبادة، وأخلاقاً، وسياسة، واقتصاداً، وإعلاماً يوم تتحاكمون لشرع الله، فنحن أمة وحي.

ثانياً: ولينا الله، الله مولانا ولا مولى لهم: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لا مَوْلَى لَهُمْ} [محمد:١١] فمن مثلنا من الناس؟ تولينا الله والله تولانا، وأحببنا الله والله أحبنا -إن شاء الله- فنحن إذا ضاقت بنا السبل، مددنا أكفنا بين يدي علام الغيوب، فاتصلنا به مباشرة، يقول تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة:١٨٦].

إذاً نحن أمة ربانية، أمة خرجت من الصحراء، لكنها اتصلت برب الأرض والسماء، فأجلسها على الجوزاء.

ثالثاً: قدوتنا محمد عليه الصلاة والسلام، فهل سمعت بقوم مثلنا قدوتهم محمد صلى الله عليه وسلم.

إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا كفى بالمطايا طِيب ذكراك حاديا

فإما حياة نظم الوحي سيرها وإلا فموتٌ لا يسر الأعاديا

رضينا بك اللهم رباً وخالقاً وبالمصطفى المختار شهماً وهاديا

فهل سمعت بقوم قدوتهم محمد عليه الصلاة والسلام يضلون، أو يخذلون، أو يتراجعون؟ لا.

رابعاً: أننا أمة وسطية، ولسنا متطرفين، لا نغلو ولا نجفو، نعرف كيف نتعامل مع الشريعة، ونعيش روحها ونؤسسها في الناس، لا نغلو فنصبح مثل الذين غلو في دينهم فغضب الله عليهم، ولا نجفو فنكون مثل الذين تمردوا على معالم الدين، فنحن ننطلق من منطلقات الإسلام الصحيح، ومن شاء فليحاور شباب وعلماء ودعاة الصحوة.

خامساً: هذه الأمة معطاءة "إن بني عمك فيهم رماح" يقول عليه الصلاة والسلام فيما صح عنه: {أمتي كالسيل لا يدرى الخير في أوله، أو في آخره} فلم تعقم أرحام النساء، ولم تتبلد المنجبات من الأمهات، فلا زلن يلدن فينا الزعماء الأبرار، والعلماء الأخيار، والأدباء، والشهداء، والصديقين، والدعاة والصالحين، فنحن دائماً سوف نقدم:

ثمن المجد دمٌ جدنا به فاسألوا كيف دفعنا الثمنا

سادساً: هذه الأمة أمة الخلافة، جعلها الله تتولى الخلافة في الأرض وتقود العالم، وتوجه البشرية من وسط الدنيا من أم القرى من مكة من الجزيرة ومن حولها العالم الإسلامي، فالخليفة هي هذه الأمة التي تحمل لا إله إلا الله.

سابعاً: هذه الأمة وارثة، أي أنها سوف ترث العالم -إن شاء الله- وقد أخبر عليه الصلاة والسلام أنها سوف تتبوأ منزلتها، وتحكم بعقيدتها وشريعتها، ويطوق الأرض عدلها، ويحكم الكون برها وسلامها وخيرها وفضلها، فأبشروا فالغد لكم والفجر المنتظر لكم.

يا أمة المجد قومي مزقي الحجبا وأعلني في ليالي جهلك الشهبا

أتذكرين صلاح الدين سفسطةً من غير بذلٍ صلاح الدين قد ذهبا

قبر العظيم إذا ما زاره ذنبٌ رغا وأزبد لا حييت يا ذنبا

لو أخبروا عمر الفاروق نسبتهم وأسمعوه الرزايا أنكر النسبا

أبواب أجدادنا منحوتةٌ ذهباً وذي هياكلنا قد أصبحت خشبا

من زمزم قد سقينا الناس قاطبةً وجيلنا اليوم من أعدائنا شربا

لكن أُبشّر هذا الكون أجمعه أنا صحونا وسرنا للعلا عجبا

بفتيةٍ طهر القرآن أنفسهم كالأسد تزأر في غاباتها غضبا

عافوا حياة الخنى والرجس فاغتسلوا بتوبةٍ لا ترى في صفهم جنبا

عباد الله: صلوا على معلمنا صلى الله عليه وسلم، وأكثروا عليه من الصلاة والسلام في هذا اليوم؛ فإن صلاتكم معروضة عليه، فصلى الله عليه وسلم تسليماً أبداً ما دام الليل والنهار، جزاء ما قدم وأنتج وأعطى للأمة.

وارض اللهم عن أصحابه الأطهار من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وكرمك يا أكرم الأكرمين!

اللهم اجمع كلمة المسلمين، اللهم وحد صفوفهم، وخذ بأيديهم لما تحبه وترضاه يا رب العالمين!

اللهم أخرجنا من الظلمات إلى النور، اللهم اهدنا سبل السلام، اللهم ثبت أقدامنا على الحق.

اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا في عهد من خافك واتقاك واتبع رضاك برحمتك يا أرحم الراحمين!

اللهم انصر كل من جاهد لإعلاء كلمتك ولرفع رايتك، اللهم رد شباب المسلمين إليك رداً جميلاً، اللهم احفظ علينا عقيدتنا وإسلامنا وشريعتنا ومقدساتنا وبلاد المسلمين كافةً يا رب العالمين!

اللهم من أراد بنا وبالإسلام سوءاً فأشغله بنفسه، ورد كيده في نحره، واقطع أثره ودمر مستقبله واحرمه السعادة يا رب العالمين!

اللهم من أسهرنا بنقده وسخريته، فأسهر عينيه بالبلاء، وشتت جهده بالشقاء، واجعله في دار الحوباء.

اللهم اهتك أسراره، وافضح عواره، وأظهر أخباره وجندل شعاره، يا رب العالمين!

اللهم احفظنا واحفظ علينا كرامتنا وديننا يا رب العالمين!

ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار.

سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج:
ص:  >  >>