[الخامسة تصف زوجها بالحمق]
وقالت الخامسة: {زوجي عَياياء طباقاء، كل داء له داء، شجكِ أو فلكِ أو جمع كُلاً لكِ} وهكذا لغتهم؛ لأنهم عربٌ فصحاء والرسول صلى الله عليه وسلم كان يسمع الحديث ويتبسم، وهو أفصح من نطق بالضاد، وهو المتكلم للأمة العربية، وهو الذي أتى بالقرآن، وهو الذي بكت المنابر من تحته.
يقول أحمد شوقي:
وإذا خطبت فللمنابر هزة تعرو النديَّ وللقلوب بكاء
وإذا أخذت العهد أو أعطيته فجميع عهدك ذمة ووفاءُ
وإذا رحمت فأنت أمٌ أو أبٌ هذان في الدنيا هما الرحماء
أفصح الناس لكن يتبسم من هذا الكلام؛ وهذا الكلام عويص علينا نحن، فقد فسدت لغتنا بكثرة الداخل علينا، حتى أصبحنا نتعلم اللغة العربية تعلماً قالت: زوجي عياياء، أي: لا يعرف يتكلم مثل الناس، بليته عقدة في لسانه، لا يخرج الحروف من مخارجها، أصم، أبكم أخرس، يأتي في الشهرين بكلمة، إذا سألت عن اسمه يخبر باسمه فقط، وهذا يميت البيت؛ لأنه لا بد من قراءة أو حديث.
قالت: طباقاء، الطباقاء قالوا: الأحمق التي انطبقت أموره عليه، أصبح ذروة في الحمق، ومن أشهر الخبلان في العالم، طباقاء يعني: مطبقٍ عليه بحمقه، وسوء تصرفه، وعدم معرفة مصالحه، ونحن أهل الإسلام نقول: أحمق الناس من لم يهتد إلى النور الذي أتى به محمد عليه الصلاة والسلام، قالت: صفوه بالمعايب والمساوئ كلها، فهو يقبلها ويتحملها، وتصلح أن تكون فيه، ركبوا عليه ما شئتم، كل داء في الدنيا يصلح أن يكون له داء.
{شجكِ أو فلكِ أو جمع كلاً لكِ} تقول: عنده عصا وكل يوم يشجها، وجسمها أصبح حقل تجارب للضرب، فمرة يضرب بالمشعاب، ومرة بالهراوة، ومرة بالسكين فتقول: مرة شجة في الرأس، ومرة فلة في الظهر، ومرة يجمع بين الحسنيين أثابه الله، فيشج في الرأس ويضرب في الكتف فيقولون: الفل في الجسم، والشج في الرأس، وهذا من الضرب، والضرب في الإسلام في حدود الضرب غير المبرح، وهي إذا نشزت المرأة وعصت زوجها، فعليه أن يهجرها في الفراش، فإن أبت فعليه أن يضربها ضرباً غير مبرح، ولا يضرب الوجه فإنه حرام ولا يقبح، والتقبيح: هو اللعن وهو حرام، ولا يضرب الأماكن الخطرة في جسمها كالبطن، وكذلك هي لا تضرب وجهه، ولا بطنه ولا تطلقه، هذه من الأمور التي ينبغي أن أنبه عليها، لكن الضرب غير المبرح الخفيف الخفيف، الذي هو قدر سوط أو سوطين من غير تبريح يقولون: كان شريح عنده زوجة اسمها زينب يقولون: كانت تعصيه قالوا: لو ضربتها فقال:
رأيت رجالاً يضربون نساءهم فشلت يميني حين أضرب زينبا
ولكن مقصودنا هنا أنها تقول: إنه رجل سريع الضرب، سريع العصا.
أتت فاطمة بنت قيس تستشير محمداً صلى الله عليه وسلم بعد أن طلقها زوجها فتقدم لها ثلاثة: أسامة بن زيد وومعاوية بن أبي سفيان وأبو جهم، فكلهم تقدموا في آن واحد يريدون أن يتزوجوا منها، فذهبت إلى محمد عليه الصلاة والسلام وهو يعرف الناس، قالت: يا رسول الله! تقدم أسامة وتقدم أبو جهم وتقدم معاوية فبمن تنصحني منهم؟ قال عليه الصلاة والسلام: {أما معاوية فرجلٌ صعلوك لا مال له} أي: (على الحديدة) ما عنده شيء في البيت، عنده فئران تتطارد في البيت، وهذه نصيحة، والدين النصيحة، وأصبح فيما بعد ملكاً رضي الله عنه وأرضاه، وأما أبو جهم فضراب للنساء -عصاه معلقة بالبيت، يضربهن- يقول عمر عن الزبير بن العوام [[يدٌ بقرطٍ ويدٌ بعصا]] لأن امرأة أتت إلى عمر رضي الله عنه تقول: تقدم الزبير يريد أن يتزوجني -والزبير أحد العشرة، حواري الرسول عليه الصلاة والسلام، الإمام العلم الذي يدوس الأبطال في المعركة مثلما يدوس الأسد المعزة- أتت هذه المرأة إلى عمر وقالت: [[ما رأيك في الزبير؟ قال عمر: يدٌ بقرطٍ ويدٌ بعصا]] يقول: احذري منه فإنه ضراب للنساء.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: {أما أبو جهم فلا يضع العصا من عاتقه، أنكحي أسامة، فنكحته فاغتبطت به} أي: أنها هنئت معه وكانت في أحسن عيشة بمشورة محمد عليه الصلاة والسلام.