وأتى فرعون بثلاثين ألف ساحر أو ما يقارب ذلك العدد، وأتى بأهل مصر , فملئوا العمارات والسكك والمنحنيات والمحافل والشوارع وسدوا الطرقات وجاء موسى وحيداً، وقف كل هؤلاء ضد موسى، لكن تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، قال السحرة بلسان المستعلي:{إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ}[الأعراف:١١٥] فألقوا، ثلاثون ألفاً كل واحد منهم خبير بالسحر، وبدأت العصي وبدأت الحيات، وفي هذا درس للدعاة وطلبة العلم والعلماء: أن القوة بالإيمان، وأن الباطل مهما كثر، وأن الدنيا مهما وقفت في وجوههم، فإن الباطل حقير وصغير وهزيل، وإن الباطل ينتفش ثم يذهب سدى ويزهق قال تعالى:{وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً}[الإسراء:٨١].
فلما ألقوا العصي وتحركت الميادين أوجس في نفسه خيفة موسى، فأتى الخطاب من الله لمن عرف الله في الرخاء ليعرفه في الشدة قال:{وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى}[طه:٦٩]{فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى}[طه:٦٧].
كيف يخاف من الله معه؟! وكيف يخاف من الله ركنه؟! وكيف يخاف من الله ينصره ويعاونه؟!