[هدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان]
ما هو هديه صلى الله عليه وسلم في رمضان؟
أولاً: صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال في الصحيحين: {يقول الله تبارك وتعالى: كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي، للصائم فرحتان: إذا أفطر فرح بفطره أو بصومه، وإذا لقي ربه فرح بصومه} أو كما قال عليه الصلاة والسلام ثم قال في آخر الحديث: {ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك والصوم جنة -يعني وقاءً وساتراً وحاجباً- فإذا كان يوم صوم أحدكم فإن سابه أحد أو شاتمه فليقل إني صائم}.
أولاً: يقول الله في الحديث القدسي: {كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي} لأن الصلاة والناس يرونك، والحج والعمرة تكونان مع الناس، والزكاة تزكي بمرأى ومسمع من الناس، لكن الصيام سر بينك وبين الله.
من يعرف -أيها الإخوة المسلمون- أنك صائم أو غير صائم إلا الله؟ بإمكانك أن تتستر بالحيطان، بإمكانك أن تختفي وراء الجدران ثم تأكل وتشرب ولا يدري بك إلا الله.
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقلها إن الذي خلق الظلام يراني
والمؤمنون يتميزون عن الكفرة بالإيمان بعلم الغيب: {آلم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ} [البقرة:١ - ٣] إيمانٌ بالغيب، يعبدون الله كأنهم يرونه فإن لم يروه فإنه يراهم سُبحَانَهُ وَتَعَالى.
أحد الصالحين توفي فرئي في المنام قالوا: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ذنبي، قالوا: بماذا؟ قال: أذنت وحدي في الصحراء وأقمت ولا يراني إلا الله.
والصيام سر بينك وبين الله، ولذلك تميز الصيام عن غيره من الأعمال أنه لا يعلم بك إلا الله، وقد سمعنا وشاهدنا ونقل إلينا من كثير من أبناء المسلمين الذين يعيشون في بلاد المسلمين ممن قلت رقابتهم لله، وممن ضعف إيمانهم في قلوبهم، وممن تذكروا كل شيء إلا الله، استحيوا من الناس وما استحيوا من الله: {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ} [النساء:١٠٨] {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ} [المجادلة:٧].
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولا أن ما تخفي عليه يغيب
وجد من شبابنا بل من كبار السن ممن قلت رقابتهم؛ من يأكل ويشرب في رمضان، لا إله إلا الله! أبعد هذا العمل خوف من الواحد الديان؟! أبعد هذا التصرف خشية للرحمن؟! أي إيمان هذا؟ وهذا لأنهم تربوا على غير القرآن، ولم يعرفوا المساجد، ولم يداوموا على الصلوات الخمس، أخذوا ثقافتهم من المجلة الخليعة، والجلسة الآثمة، والأغنية الماجنة، والجلساء السيئين، فانقطعوا عن القرآن والحديث، وانقطعوا عن الدعوة والمحاضرات والدروس، فوقعوا في براثن المعصية.