المسألة الثانية: أن الرسول عليه الصلاة والسلام بشر ولكنه معصوم، فالله سُبحَانَهُ وَتَعَالى عصمه، وهذا عند أهل السنة هو القول المقدم، ولا عبرة بقول المعتزلة في ذلك، قال تعالى:{وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى}[النجم:١ - ٢].
عصمه في التبليغ لأنه لا يزال عليه الصلاة والسلام بشر، لكي لا تدعى ألوهيته، يسقط صلى الله عليه وسلم من على الفرس كما في صحيح البخاري فيدحش شقه، ويجرح صلى الله عليه وسلم، ويقول أهل العلم: ليثبت الله أنه عبد ضعيف ولا يملك موتاً ولا حياة ولا نشوراً.
يأتيه الأعراب فيتوهمون أن له منزله فوق البشر، فيقول أحدهم: كما صح ذلك {يا رسول الله! قحطت البلاد، فادع الله، فإنا نستشفع بك إلى الله ونستشفع بالله إليك، فيغضب عليه الصلاة والسلام، ويقول: سبحان الله أتدري ما شأن الله؟ إن شأن الله أعظم من أن يستشفع به إلى أحد من خلقه} أو كما قال عليه الصلاة والسلام، ويقول آخر:{ما شاء الله وشئت، فغضب عليه الصلاة والسلام، وقال: سبحان الله! سبحان الله! سبحان الله! أجعلتني لله نداً؟! بل ما شاء الله وحده}.
وكان أكبر اعتراض الكفار لماذا كان بشراً؟ لماذا يأكل الطعام؟ لماذا يمشي في الأسواق ويكسب الرزق؟ فقال الله:{وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْوَاقِ}[الفرقان:٧] والله يبين أنه لا بد أن يكون بشراً ولو كان ملكاً ما استطاع، لأن البشر يعيش حياة الناس وآلامهم.