للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من ثمار الابتلاء: معرفة حقيقة الناس ومصداقيتهم]

أولها: أن الله عز وجل جعل الابتلاء سنة؛ ليعلم الصادق من الكاذب، وليعلم المؤمن من المنافق، ولو كان الأمر للرخاء والسهولة واليسر؛ لادعى كل مدعٍ أنه صادق، ولكن ليظهر الله الصادقين أهل الصلوات الخمس؛ ولا يخزيهم أبداً.

والنبي عليه الصلاة والسلام وهو في غار حراء يوم نزل عليه الوحي، خاف لما رأى عظم الملك، فذهب إلى خديجة رضي الله عنها ترتعد فرائصه، ووجِلَ قلبه وخاف وقال: {خفت على نفسي، قالت: كلا والله لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتصل الرحم، وتُقرئ الضيف، وتُكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق} أتظن أن الله يخزي أهل الصلوات الخمس؛ أهل القرآن؛ وأهل السنة؛ وأهل التسبيحات؛ والصيام؛ وقيام الليل، والصدق مع الله؟! لا والله.

إنما يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون، إنما يخزي أعداءه ومحاربي دينه الذين لا يعرفون الصلاة، ولا القرآن، ولا المسجد، ولا السنة، ولا الصدق مع الله، ولا يعرفون موعود الله، ولا يقدمون دقيقة من أوقاتهم، ولا يعرفون إلاَّ الكأس والعهر، والفحش والخيانة، وانتهاك حرمات الله، يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأرضاه: [[صنائع المعروف تقي مصارع السوء]] فمن فعل معروفاً وقاه الله سبحانه منازل الخاسرين: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩] وقال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد:٣١].

<<  <  ج:
ص:  >  >>