قال الحسن البصري:[[يقول أحدكم: أحج، أعتمر، أصلي، أصوم، أزكي هل هذه هي العبادة فحسب؟ لا.
فرج عن مكروب صل منقطعاً صل رحماً فهذه هي العبادة]] وقد صدق، وبعض الناس ما له هم ولا غم إلا الصلاة في كل وقت، لكن إذا رآه الناس كشر بأنيابه في وجوههم، عبس وانقبض، لا يعرف صلة ولا براً ولا خلقاً ولا مساعدة ولا معاونة، أيظن العبد أن الأجور فقط في: سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد؟ بل الأجور عدد الأنفاس.
أرسل الحسن البصري إلى ثابت البناني العابد الكبير، حيث جاءه رجل يريد أن يشفع له ثابت إلى رجل -لأن هذا الرجل يريد مالاً- فذهب إلى الحسن البصري، فقال: أريد من فلان أن يقرضني مالاً، وأريد أن ترسل معي ثابتاً البناني؛ لأن عنده وجهاً -صاحب وجه وجاه- قال الحسن البصري: اذهبوا إلى ثابت في المسجد ليذهب مع هذا الرجل، فذهبوا إلى ثابت فوجدوه يصلي في المسجد فأخبروه الخبر، فقال: لا.
أنا أصلي في بيت الله فلا تخرجوني منه، فرجعوا إلى الحسن فأخبروه، قال: اذهبوا إليه وقولوا له: [[يا أعيمش! -أعيمش تصغير أعمش- يا أعيمش! أظننت أن صلاتك هي العبادة كلها؟ والله لذهابك مع أخيك المسلم لقضاء حاجته خير من ألف ركعة]] فلما أخبروه ترك وذهب معهم ليشفع.
ولذلك من كان عنده جاه فليفرج به الكرب عن المسلمين، وليتوسط ويتوسل في غير حرام، وليشفع بتقديم كلمة أو يذهب بنفسه إلى المسئول ليعرض حاجة من لا يستطيع رفع حاجته، أتظنون أن الناس يستطيعون رفع حوائجهم إلى المسئولين؟ لا.
إنهم يبكون على الأرصفة لا يجدون من يرفع حوائجهم واستفساراتهم ومطالبهم، فيموتون وهي في صدورهم.
يقول صلى الله عليه وسلم:{أولئك جدد القلوب، خلقان الثياب إذا شفعوا لم يشفعوا، وإذا نكحوا لم ينكحوا، وإذا سألوا لم يعطوا، يموت أحدهم وحاجته في صدره} هؤلاء بحاجة إلى أن يمد الإنسان يد العون إليهم.