هو الموت ما منه ملاذٌ ومهرب متى حط ذا عن نعشه ذاك يركب
نؤمل آمالاً ونرجو نتاجها وعل الردى مما نرجيه أقرب
وصل عليه الصلاة والسلام إلى لحظة سوف نصل إليها جميعاً، ولا يبرأ منها أحد، وصل إلى درجة أن يموت كما يموت الناس، فأخذ خميصة كانت أمامه، أي: قطعة قماش- وبلها بالماء، وغطى بها وجهه الشريف، وهو يقول:{لا إله إلا الله، إن للموت لسكرات، لا إله إلا الله، اللهم هوِّن عليَّ سكرات الموت، لا إله الله إلا الله، اللهم خفف عليَّ سكرات الموت} ثم مات.
قال تعالى:{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}[الزمر:٣٠] وقال: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ}[آل عمران:١٤٤] مات، فأين ميراثه؟ وأين تركته؟ أنا وأنت، وأبي وأبيك من تركته! المساجد ملايين المساجد في العالم ملايين العلماء ملايين الشهداء ملايين الصالحين كلهم من تركته! الوحي، المسيرة، الجيل، الشعوب الإسلامية، النور، كلهم من تركته! خلف رسالة طوقت ثلاثة أرباع الكرة الأرضية!
لا يعلم في تاريخ الإنسان، ولا في حياة الشعوب مؤثراً أعظم منه عليه الصلاة والسلام!! ومع ذلك هذه تركته، كأفقر فقراء هذا العصر، بل لا يوجد في هذا العصر -في علمي- في بعض البلاد أكثر فقراً مما كان عليه صلى الله عليه وسلم! لم يشبع ثلاث ليال متوالية من خبز الشعير، فأين ميراثه؟! الرسالة الخالدة، قال عليه الصلاة والسلام:{إن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر}.
أسأل الله أن يجمعنا به في دار الكرامة، وأن يلهمنا اتباع سنته، وأن يجعلنا سائرين على منهجه، وأن يعصمنا بشريعته.
أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو التواب الرحيم.