الشيخ مفتِ، وأعظم ما يميزه الفتاوى، فهو مفتي البلاد كما تعرفون، وقد سدد الله فتواه لتقواه، وأحياناً إذا أشكلت عليه المسألة طلب من السائل أن ينتظر، وربما قال في هدوء وتواضع وشجاعة: لا أدري يسأل عن كثير من المسائل، ويقول: لا أدري وهي سيرة السلف الصالح فإنهم لا يقتحمون بجهل، وكان ابن سيرين يقول: لا أدري وقال علي: [[من أغفل كلمة لا أدري أصيبت مقاتله]] وكان عمر رضي الله عنه وأرضاه يجمع الصحابة لبعض المسائل، واعتذر الإمام مالك من عشرات المسائل لم يعرفها فمن حكمة الشيخ أنه يعتذر -أحياناً- عن بعض المسائل حتى يبحثها بحثاً وافياً.
وقد قلت: مما يميز الشيخ أنه يقيم الدليل وهذه ميزة المفتي، وأما الكلام المطروح الإنشائي فإنه لا يميز المثقف عن العالم عن السامع المقلد للمسألة.
وميزة العالم أن يستحضر الدليل ووجه الدلالة، ويستنبط منه، ويعرف الدليل صحة وضعفاً ناسخاً ومنسوخاً مطلقاً ومقيداً عاماً وخاصاً، وهذه كلها يحملها الشيخ.