[تفسير قوله صلى الله عليه وسلم [فحج آدم موسى]]
السؤال
كيف تفسر قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: {فحاج آدم موسى، فحاج آدم موسى}؟
الجواب
هذا الحديث متفق عليه بين البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {التقى موسى وآدم} موسى عليه السلام نبي بني إسرائيل وآدم عليه السلام الذي هو أبونا، التقيا، أين التقيا؟ الله أعلم، قال بعضهم: في البرزخ، وقال بعضهم: في السماء، وهو الظاهر، لكن المقصود أنهما التقيا، فالتقى آدم وموسى وكان موسى شجاعاً جريئاً دائماً يحاور ويتكلم، ولذلك كلمه الله تكليماً ولم يكلم أحداً من الناس {فقال موسى لآدم: يا آدم! أنت أبو البشر خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأسجد لك ملائكته خيبتنا وأخرجتنا من الجنة (يقول له: أكلت من الشجرة فخرجت فخرجنا معك، نحن في حياة المتاعب والذنوب والمعاصي والدموع والآلام والقلق والأرق بسبب أنك خرجت من الجنة) قال آدم: أنت موسى بن عمران الذي كلمك الله تكليماً واصطفاك بكلماته ورسالته وكتب لك التوراة بيده، بكم وجدت أن الله كتب علي الخطيئة؟ قال موسى عليه السلام: وجدتها في التوراة بأربعين سنة.
قال: أفتحاجني على شيء قد كتبه الله علي؟} فأتى محمد صلى الله عليه وسلم يتدخل بعد أن انتهى الحوار قال صلى الله عليه وسلم: {فحاج آدم موسى، فحاج آدم موسى، فحاج آدم موسى} أي: فغلب آدم موسى، فغلب آدم موسى، فغلب آدم موسى.
والقدرية يقولون: فحاج آدمَ موسى.
أي: يجعلون موسى هو الفاعل وآدم مفعول به، أي: أن الغالب موسى وقد كذبوا، حتى يقول بعض العلماء: يجادلون بين موسى وآدم كأنهم يجادلون بين جبري وقدري.
جل الله! وهذا لا نستدل به بالقضاء والقدر إلا في مسألتين:
مسألة المصائب: يقول ابن تيمية: نستدل بالقضاء والقدر في المصائب ولا نستدل به في المعايب.
يسقط ابنك من قصر ويتكسر تقول: بقضاء وقدر، وتمرض ابنتك فتقول: بقضاء وقدر.
لكن يسرق السارق في المعايب لا تقول: قضاء وقدر، ما لك سرقت؟ قال: قضى الله علي أن أسرق.
لا يصلي الفجر مع الجماعة فيقال له: ما لك لا تصلي؟ قال: قضى الله علي وكتب ألا أصلي.
سرق سارق في عهد عمر فقال: لمَ سرقت؟ قال: كتب الله علي أن أسرق، قال: علي بالسكين.
فأتوا بالسكين فقطع يده فقال السارق: لم قطعت يدي وقد كتب الله علي أن أسرق؟ قال: وأنا كتب الله علي أن أقطع يدك! فلا يستدل بالقضاء في المعايب، ويستدل به في ناحية أخرى إذا تاب الإنسان من الخطيئة وأقلع -وهذا ذكره ابن القيم - إنسان كان مسرفاً على نفسه، شاب كان غاوياً ثم اهتدى، قلنا: ما لك كنت غاوياً تتعاطى المخدرات؟ قال: كتب الله علي ثم تبت.
قلنا: صدقت -بعد أن يتوب- أما وهو في الخطأ فلا، فهذا هو معنى الحديث.