فمن أخرج هؤلاء للناس إلا كتاب الله عَزَّ وَجَلّ، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، تربية رسول الهدى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يوم يلقى الشاب وعمره ثماني سنوات كـ ابن عباس فيقول له:{احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف}.
أي كلام هذا الكلام؟! أسمعت أصدق وأنبل -بعد كتاب الله- من هذا الكلام؟! يغرسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في القلوب فيؤتي أكله كل حين بإذن ربه.
وأما نحن فكانت تربيتنا للشباب أن نسأل أحدهم: ما هي هوايتك؟
فيقول: جمع الطوابع، ومطاردة الحمام، والمراسلة، والسباحة!!
إذاً تنكست منابرنا، وهدمت حصوننا، وخلت مساجدنا، ولذلك يقول الفيلسوف المسلم:
أرى التفكير أدركه خمول ولم تبق العزائم في اشتعال
وأصبح وعظكم من غير نور ولا سحر يطل من المقال
وعند الناس فلسفة وفكر ولكن أين تلقين الغزالي؟
وجلجلة الأذان بكل حيّ ولكن أين صوت من بلال
منائركم علت في كل ساح ومسجدكم من العباد خالِ
إن الذي يجعل حياته لجمع الطوابع لا يكون عبداً لله؛ بل يكون عبداً لشهوته.
وإن الذي يهتم بمطاردة الحمام والمراسلة والسباحة والتصفيق والتشجيع سوف يكون خاملاً في الحياة.