للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من هم المغضوب عليهم]

هم اليهود عليهم لعنة الله, وسموا مغضوباً عليهم؛ لأن من علمته شيئاً ثم خالفك غضبت عليه, ومن لم يتعلم منك شيئاً وعمل بجهلٍ فقد ضل, ومن خالف الشيء بعد أن يعرفه مغضوب عليه, ومن يعمل المعصية بدون أن يعرف الشيء فهو ضال, قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن اليهود: {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عمران:١١٢] غضب الله على اليهود ولعنهم, وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} [المائدة:١٣] وقال سبحانه: {ثُمَ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة:٧٤] وقال: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران:١٠٥] وقال: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [الحديد:١٦] وقال سبحانه تعالى عن علمائهم: {كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَاراً} [الجمعة:٥] وقال سبحانه عن عالمهم: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف:١٧٥] وقال سبحانه: {وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف:١٧٦] وقال سبحانه: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ} [المائدة:١٨] وقال سبحانه: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة:٦٤] وقال تعالى: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} [آل عمران:١٨١].

فالمغضوب عليهم هم اليهود, وسبب الغضب؛ لأنهم تعلموا ولم يعملوا, والتلميذ إذا أعطيته الواجب فلم يصنعه غضبت عليه, وتأتي إلى رجل آخر لم يحضر الدرس ولكنه خالفك، تقول: أنت ضال, فاليهود علموا فلم يعملوا, والنصارى عملوا بلا علم, وسوف يقع كما قال ابن تيمية من طوائف هذه الأمة من طلبة العلم من يعمل بلا علم وهو ضال, كعباد غلاة الصوفية يتعبدون بلا علم فهم ضُلال وفسقة، ومن يتعلم ثم لا يصلي ولا يصوم ولا يقرأ فهو مغضوب عليه, قال سفيان بن عيينة::"من فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى, ومن فسد من علمائنا ففيه شبه من اليهود".

المغضوب عليهم هم اليهود, قال عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: {لتتبعن سَنن -أو سُنن- من كان قبلكم حذو القذة بالقذة, حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه, قالوا: اليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال: فمن؟} وفي لفظ: {فمن الناس إلا هم}.

<<  <  ج:
ص:  >  >>