للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[حياة حمزة مع الرسول صلى الله عليه وسلم]

هو أول من بارز في معركة بدر، دعاه صلى الله عليه وسلم للمبارزة حمزة عمه، لئلا يقول الناس: دعا الناس للمبارزة والقتال وترك أقاربه، جعل كل المبارزين أقاربه صلى الله عليه وسلم، حمزة، وعبيدة بن الحارث وعلي بن أبي طالب، يقول علي بن أبي طالب في الصحيح: [[أنا أول من يجثو يوم القيامة، ومن بارز يوم بدر؛ لقوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج:١٩]]] الذين تبارزوا يوم بدر هم أول من يجثو للخصومة بين يدي الرحمن يوم القيامة، ثلاثة من المؤمنين، وثلاثة من المشركين.

ثم بدأت المعركة، يقول أحد من حضر المعركة: [[والله إني كنت أنظر إلى حمزة وبيده السيف، وإن الناس يتفللون بجانبه وأمامه كالمعزى في الليلة الشاتية، أي: الرجال يصبحون أمامه كالمعزى إذا رأت الأسد، وإلا فهم شجعان، أشجع العرب هم قريش، لكنهم بلوا برجل من أشجع الناس، وحضر معركة أحد، وكان أكثر السبعين الذين قتلوا يوم بدر من كفار قريش على يد حمزة.

فأتت هند امرأة أبي سفيان، فأخذت قلادتها، وأخذت ذهبها وحليها، وأتت إلى وحشي مولى من الموالي، وقالت: هذه الحلي، وأعتقك إن قتلت حمزة في معركة أحد، وحضر الجمعان أهل لا إله إلا الله محمد رسول الله، قائدهم رسول الهدى عليه الصلاة والسلام، ومعه عمه حمزة، ولما بدأت المعركة، أخذ حمزة ووضع ريش النعامة على صدره، مستعداً لمعركة ويوم كيوم بدر، فأتى ابن عرفطة، فنزل حمزة والتقى معه وبدأت المعركة، قال حمزة لـ سباع بن عرفطة: يا ابن أم مقطعة البظور! أتيت تحاد الله ورسوله، يقول: يا ابن الختانة! لعنك الله، ثم قتله.

وقد قتل سبعة من قادة قريش ومن حملة الراية، فلما أتى في منحنى الوادي، قام وحشي وكان من الحبشة معه حربة، فهزها وحمزة لم يدرِ أن هذا قد كمن له في شجرة، وإلا لو كان أمام الأرض كان رآه، فضربه بالحربة حتى أخرجها من بطنه، قال بعض الرواة: إن حمزة ضرب الشجرة حتى قطع غصونها، لكنه لم يدرك وحشياً، وسبقه الدم فوقع صريعاً على وجهه.

فأتت هند بعدما قتل حمزة، فبقرت بطنه، وجدعت أنفه، وأخذت كبده فلاكتها، ثم لفظتها ولكنها لم تستطع أن تبتلعها من الحقد والغيظ والضغينة؛ لأنه قتل أقاربها الكفار، فمر صلى الله عليه وسلم على القتلة، فلما رأى حمزة وقف طويلاًَ، وبكى وغضب عليه الصلاة والسلام، وقال: {والذي نفسي بيده، لئن ظفرت بهم لأمثلن منهم بسبعين} فأنزل الله {لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ} [آل عمران:١٢٨].

هذا هو حمزة الذي أسلم، وهذه أيامه ومشاهده، يقول سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: {وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ} [القصص:٥].

<<  <  ج:
ص:  >  >>