للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[ذكر الله]

الأمر الثاني: الذي أوصي نفسي وإياكم به؛ كثرة ذكر الله دائماً وأبداً، {أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد:٢٨] {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة:١٥٢] {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً} [الأحزاب:٣٥] وقال عز من قائل: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران:١٩٠ - ١٩١] وقال عز من قائل: {إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:٤٥] فذكر الله أكبر من كل شيء، وهو من أعظم ما تحصله الصلاة، فالله الله في ذكر الله!

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في المجلد العاشر من فتاويه، سأله أبو القاسم المغربي عن أعظم وصية توصيني بها، وعن أعظم عمل أعمله بعد الفرائض، وعن أجل كتاب بعد كتاب الله، وعن أحسن مهنة، قال: أما أعظم وصية فلا أظن أعظم من وصية الله للأولين والآخرين وهي تقوى الله، وهي التي وصى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم جيوشه ورسله حينما كان يرسلهم، كـ معاذ حينما قال له صلى الله عليه وسلم -كما في الترمذي -: {اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن} وأما أعظم عمل -يقول ابن تيمية: لا أعلم عملاً بعد الفرائض أعظم -وهو كالإجماع عند العلماء- من ذكر الله عز وجل.

فليكن ذكر الله وردك -يا أخي المسلم- دائماً وأبداً، اذكر الله جالساً وقائماً وعلى جنبك وسفرك وفي حلك وترحالك وفي ليلك ونهارك؛ ليتولاك الله وليشرح صدرك للإسلام، وليحبب لك الطاعة وليكفر عنك سيئاتك، وليجتبيك وليلهمك رشدك، وليبصرك بحقائق هذا الدين, وليجعلك من الأخيار الأبرار، فعليك بذكر الله دائماً وأبداً.

ولذلك من فوائد التقوى أن الله يجعل للمتقي بصيرة وفرقاناً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الأنفال:٢٩] وقال عز من قائل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} [الطلاق:٣] وقال: {ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً} [الطلاق:٥] وقال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً} [الطلاق:٤] فهذه الأمور كلها نتائج لتقوى الله.

<<  <  ج:
ص:  >  >>