ما هي السنة في هذه المسألة، أن يقدم الشراب إلى الضيف ثم يدفعه إلى من هو عن يمينه، لحديث أنه أُتي لرسول الله صلى الله عليه وسلم بشراب فشرب ثم دفعه إلى أعرابي عن يمينه، والذي كان عن يساره هو أبو بكر، فهل من السنة أن يبتدئ بمن هو عن يمين المجلس؟
الجواب
هذه مسألة كثيرة الوقوع في الناس، وهي هل السنة أن إذا دخلت تقدم مثلاً الطعام أو الشراب مثلاً أو شيئاً من الشاي أو القهوة أو الطيب أن تبدأ باليمين أو تبدأ بأكبر أهل المجلس، ثم يكون الناس عن يمينه هم اليمين، السنة في هذا كما دلت عليها الأحاديث، أن تبدأ بيمين المجلس الذي هو كبير المجلس، إما أن يكون كبيراً في السن، أو رجلاً له جلالة في الإسلام، أو سلطاناً أو رجلاً وجيهاً أو شيخاً كبيراً أو طالب علم فتبدأ به، ثم تبدأ من عن يمينه، أما أن تأتي دائماً بميمنة المجلس، وتقول: التيامن، فما تبدأ وتصل شيوخ الناس حتى تنتهي من أطفال الحارة، وقد أعطيتهم القهوة والشاهي، هذا ليس من السنة.
بل كان الرسول عليه الصلاة والسلام جالساً في وسط الصحابة، فأتي له بلبن وبشراب -هنا قصتان- فأعطوه صلى الله عليه وسلم وهو وسطهم، ولو كان عليه الصلاة والسلام في عهده يعطى الميمنة لأعطوا أبا بكر؛ لأنه عن ميسرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن بدءوا بالرسول صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر عن يساره، والأعرابي عن يمينه، فلما شرب صلى الله عليه وسلم سلمه الأعرابي؛ لأن السنة ميمنة الرجل الضيف، فقال عليه الصلاة والسلام:{الشربة لك، فهل تأذن لـ أبي بكر} من أجل جلالة أبي بكر في الإسلام، قال: لا والله، فأخذها.
وأما حديث أنس فإنه يقول:{قدم لرسول الله صلى الله عليه وسلم لبن، وكان عن يساره الأشياخ -أي: أبو بكر وعمر والأشياخ أشياخ الإسلام من المهاجرين والأنصار- وعن يمينه غلام -قيل: هو ابن عباس، وهذا الظاهر- فشرب عليه الصلاة والسلام، ثم قال لـ ابن عباس: الشربة لك فهل تأذن للأشياخ، قال: والله لا أوثر بسؤري منك أحداً- يقول: لا أوثر بفضلتك التي دفعت إلى بما فيها من البركة أحداً من الناس فدفعه صلى الله عليه وسلم إليه}
إذاً يبدأ بوسط المجلس أو بالمكان الذي فيه الصدر.
دخل بعض الناس من الوجهاء والنبلاء، في القرن الثاني اسمه حجاج بن أرطأة فجلس عند الأحذية، فقالوا: تقدم في وسط المجلس، قال: أنا صدر أينما جلست، قيل: هذا من العجب، ولذلك كانوا يبدءون به، فالمقصود أن أكبر من جلس في المجلس يبدأ به، لا أكبرهم سناً لكن قدراً، كالسلطان وغيره الذين ذكرنا، هذه السنة في هذا إن شاء الله.
وفي الختام نتوجه إلى الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، وأن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه، وألا يجعل في أعمالنا رياءً ولا سمعة، وأن يهدينا وإياكم سواء السبيل.