للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الأمر الثاني: قضايا في سورة العصر]

منها: أن الناس جميعاً في خسر إلا من تأهل بمؤهلات أو تشرف بصفات، وهذه الصفات مذكورة:

منها: أن العمل يدخل مع الإيمان ولا يخرج عنه، بل هو جزء لا يتجزأ منه وركن أساسي في الإيمان، ومنها: أن المؤمن يدخل الجنة برحمة الله وينزل الجنة في منازلها ودرجاتها بالعمل الصالح {وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الزخرف:٧٢].

فنزلوا في درجاتها بالأعمال، وأما الدخول فبرحمة الله عز وجل.

ومنها: أن الحق أحق أن يتبع وهو ما في الكتاب والسنة، وما سواه باطل.

ومنها: أن على المسلم أن يتقيد بالدليل؛ لأن الحق دليل والدليل حق وهو البرهان الواضح.

ومنها: أنك لن تنال من خير الدنيا ومن خير الآخرة إلا بالصبر وأن الصبر أمره عظيم {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة:٤٥].

فالصبر مدرسة، ويتعلم الصبر لمناسبة رمضان فإن الصوم نصف الصبر وهذا شهر الصبر ومن صام فقد صبر، وقد تعلم الصبر وعرف كيف يصبر عن المعاصي، فيا من صبر على الجوع والظمأ! ويا من صبر على الطعام والشراب! ويا من صبر ساعات! اصبر سنوات معدودة عن المعاصي والمخالفات والفجور والانحراف، وسوف ترى أن الله عز وجل يثيبك على ما صبرت، {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٢٤] صحيح أن من الناس اليوم من لا يصوم، يأكل ويشرب الآن ويدخن ويلهو والكأس بيده، ولكن سوف يعلم غداً:

ولو أنا إذا متنا تركنا لكان الموت غاية كل حي

ولكنا إذا متنا بعثنا ويسأل ربنا عن كل شيء

{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء:٢٢٧] {وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد:٤٢] ولمن المصير المحتوم، ولمن النهاية المجيدة من الرديئة.

هذه محاضرة: سورة العصر منهج حياة، يحب أن تتدبر وأن ينظر فيها، وأن تتأمل كثيراً، وأن تقرأ في المجالس؛ علَّ الله أن يجعلها نوراًَ لنا مع القرآن وطريقاً لنا لطاعة الواحد الديان، ومنفذاً لنا إلى الجنان.

وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

<<  <  ج:
ص:  >  >>