للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[أمانة مراقبة الله في السر]

وأمانة أخرى وهي: حفظ الغيب مع الله، تتستر في الحيطان ولا يراك إلا الواحد الديان، وتتستر بالجدران ولا يراك إلا الرحمن.

وإذا خلوت بريبة في ظلمةٍ والنفس داعية إلى الطغيانِ

فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني

إن من ينظر إلى أحوال بعض الناس يتعجب، أين المجتمع الذي عاشه عليه الصلاة والسلام؟! أين ذاك المجتمع الفاضل؟! المجتمع الذي ينام على القرآن، ويصحوا على القرآن، وتنتهي المساجد به! المجتمع الذي كان يمر عليه الصلاة والسلام عليه في الليل الدامس، فيسمع القراءة من بيوت الأنصار وهم يرددون كلام الله! المجتمع الذي يقول عنه عمر: [[توليت القضاء في عهد أبي بكر سنة كاملة ما أتاني خصمان]] المجتمع الذي تصدق منه رجلٌ بقطعة لحم إلى جاره وهم في مجاعة، فدارت هذه القطعة إلى أن رجعت على المتصدق الأول!، المجتمع الذي رضي الله عليه من السماء، كانت كلمتهم واحدة، وحبهم واحدٌ في الله! ولكن انظر إلى مجتمعاتنا.

إلى الله نشكو قسوةً في قلوبنا وفي كل يومٍ واعظ الموت يندبُ

ولله كم غادٍ حبيبٍ ورائحٍ نشيعه للقبر والدمع يسكب

ُ

إذا قيل: أنتم قد علمتم فما الذي عملتم وكلٌ في الكتاب مرتب

ُ

نعم في الساحة صحوة، وهنا مساجد، ومصلون، وطلبة علم، وأخيار، وزهاد، وعباد، لكن الخبث إذا كثر لابد أن نخشى على أنفسنا منه، في المجتمع ظهر الربا وظهر الزنا ولا ننكره، ونسأل الله أن يغفر لنا، وهناك غناء ماجن في الجلسات، وضياع للأوقات، أشاب مسلم يصلي الصلوات الخمس، ويسهر على البلوت، وعلى الورق إلى الساعة الثانية؟! أين القرآن؟ أين طاعة الواحد الديان؟ {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:١١٥ - ١١٦].

أنت دقائق وثواني، إذا مضى منك دقيقة والله لن تعود لك هذه الدقيقة ولو اجتمع من في الدنيا، أنت أيام، يومك هذا الذي ينصرم الآن إذا غربت شمسه فلن يعود إليك، واحتسب أنه قد ذهب من عمرك.

دقات قلب المرء قائلةً له إن الحياة دقائقٌ وثوانِ

فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمرٌ ثانِ

الفجرة يقولون يوم القيامة: {يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا} [الأنعام:٣١] والله يقول عنهم: {ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ} [الأنعام:٦٢].

<<  <  ج:
ص:  >  >>