ومن شهدائهم رضي الله عنهم وأرضاهم: حرام بن ملحان، كان من القراء، أرسله عليه أفضل الصلاة والسلام تجاه حنين ليدعوهم إلى الله ومعه نحو سبعين رجلاً من القراء، وكان هؤلاء القراء من خيرة شباب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما وصلوا غدر بهم عامر بن الطفيل فقال: يا حرام! انتظر قليلاً حتى أذهب إلى أناس فأجمعهم لتقرأ عليهم مما علمَّك الله؟
وهذا كافر لا يريد مما علَّمه الله ولا يريد القرآن، لكن بمكيدة أن يجمع القبائل، ليقاتلوا هؤلاء القراء، فذهبوا إلى القبائل، فقال: عليكم بالسيوف والرماح وتعالوا! فقاتلوا عصابة أتت لمحاربتكم، فأتوا فطوقوا السبعين فقتلوهم عن بكرة أبيهم، ولذلك مكث صلى الله عليه وسلم يقنت شهراً في الصلاة، ربما بكى وربما دعا على رِعل وذكوان لمَّا فعلوا به صلى الله عليه وسلم وبقرائه.
جاء عامر بن الطفيل إلى حرام بن ملحان فقال له: تعال لأكلمك! فاقترب منه واستأمنه، فأشار عامر لرجل من ورائه، فقال: اطعنه بالرمح إذا كلَّمته، فلما أصبح يُكلمه ويناجيه أتى رجل من ورائه من قبائل رعل، فأدخل الرمح من ظهر حرام حتى خرج من صدره، فلما خرج الدم أخذ حرام الدم من قلبه ثم ضرب به وجه عامر بن الطفيل، وقال:[[فُزت ورب الكعبة]] وهذا الحديث في البخاري في (باب: الجهاد) ثم مات رضي الله عنه وأرضاه شهيداً بإذن الله عز وجل.