{اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآياتِي وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي}[طه:٤٢] ما معنى: ولا تنيا في ذكري؟ قيل: لا تضعفا في ذكري، سبحا كثيراً، وهللا كثيراً، واحمدا كثيراً، واستغفرا كثيراً، وهذا زاد المسلم، وإذا رأيت المسلم يكثر من ذكر الله، فاعلم أنه قريب من الله، وإذا رأيته غافلاً، فاعلم أن بينه وبين الله بعداً، ولذلك في سنن الترمذي بسند حسن عن عبد الله بن بسر، قال:: {يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت علي، قال: لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله}.
وقيل: ولا تضعفا في الدعوة إلي، مرا بالمعروف، وانهيا عن المنكر، فأنتما في أمر واجب ونحن -يا عباد الله- أصبحنا في زمن وفي وقتٍ كل منا وجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بطاقته، وإلى متى ننتظر؟ إلى متى نسكت؟ إلى متى لا ننكر المنكر؟ لكن كما قال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل:١٢٥] ولذلك يقول لقمان لابنه: {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ}[لقمان:١٧] ثم قال: {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ}[لقمان:١٧].
سوف تؤذى، وسوف تشتم، لكن اصبر على ما أصابك، والله يقول في قوم تركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهم بنو إسرائيل:{لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ}[المائدة:٧٨ - ٧٩] وقال سُبحَانَهُ وَتَعَالَى في مدح أمتنا: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ}[آل عمران:١١٠] قال: {وَلا تَنِيَا فِي ذِكْرِي}[طه:٤٢].