[الرياء وعلاجه]
السؤال
فضيلة الشيخ! إنني أشتكي من مرض -أعاذنا الله منه- وهو الرياء, فأقوم أحياناً بأعمال حسنة, فإذا رأيت بعض الإخوة الصالحين المهتدين أشعر أني عملت هذا العمل رياءً وليس لله, وإني أخشى الله كثيراً, ولكن كلما أقدمت على عمل صالح شعرت بالرياء, فماذا أفعل جزاكم الله خيراً؟
الجواب
كما سمعتم شكوى الأخ من الرياء، وكلنا ذاك الرجل, ومن لوازم إسلامك -أيها المسلم- أن تخاف من الرياء, فإنه لا يخاف النفاق والرياء إلا مؤمن ولا يأمنه إلا منافق, وهذه المقولة أوردها البخاري في صحيحه في كتاب الإيمان عن الحسن موقوفة عليه رضي الله عنه وأرضاه, قال: [[ما خافه إلا مؤمن وما أمنه إلا منافق]].
فمن لوازم إسلامك وإيمانك أن تكون حريصاً متحذراً خائفاً دائماً من الرياء, فإن من أمن الرياء وقع فيه, فإن من الأدلة على خيريتك وعلى إقبالك وحسن صدقك مع الله أنك تخاف الرياء, ولكن هذا لا يعني أن العلاج والدواء أن ينتظر العبد ويقول: أخاف الرياء، وهو واقع فيه! بل عليه أن يتوب ويستغفر، وأن تثبت في ذهنه قضايا:
١ - أن الذي ينفع ويضر هو الواحد الأحد, وأن غيره لا يملك له نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً ولا تصريفاً ولا تدبيراً, فهو الذي بيده مقاليد الأمور, فاطلب أجرك وثوابك منه, ولا تطلب من غيره سُبحَانَهُ وَتَعَالَى.
٢ - أن تنظر إلى الناس على أنهم بشر كما سلف, وأنه ليس بأيديهم من مقاليد الأمور شيء, وأن الله استأثر بالنفع والضر, وكل ما يجلب لك من خير فمن الله, وما يصيبك فمن الله, وهذه هي العقيدة التي أملاها صلى الله عليه وسلم لـ ابن عباس كما في الترمذي: {وإذا سألت فاسأل الله, وإذا استعنت فاستعن بالله, واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك, وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف}.
٣ - عليك أن تدعو دائماً بكفارة الشرك والرياء، وهو ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: {اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئاً أعلمه, وأستغفرك لما لا أعلم}.
٤ - أن تكون في خلوتك محاسباً لنفسك، وترفع كفيك داعياً الله عز وجل أن يرزقك الصدق والإخلاص والإنابة، فإذا أخذت على هذا، وتدربت عليه، وسألت الله في أدبار الصلوات والسجود، فتح الله عليك، ورزقك الصدق، نسأل الله لنا ولك ولكل مسلم الصدق والإخلاص.