أولها: أن إجابة الدعوة مقترنة بطيب المطعم، فمن أراد أن يستجيب الله دعاءه فليكن مطعمه، وملبسه، ومشربه، ومسكنه حلالاً، وإلا فلا يطمع في إجابة الدعاء.
الدرس الثاني: أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فإذا أمرك الوالدان أو غيرهما بمعصية أو بمنكر، أو فاحشة فلا طاعة في ذلك، قال تعالى:{وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً}[لقمان:١٥].
الدرس الثالث: أن الله عز وجل ادخر للمؤمن أكثر مما في الدنيا، وأن الدنيا ليست غاية؛ لأن بعض الناس مقاييسهم ضحلة، ونظرتهم ضيقة، ينظرون إلى من أمده الله بصحة أو مال أو ولد أو عقار فيقولون: هذا لمنزلته عند الله، وهذا خطأ في الفهم وضلال في التوجه، لأن الله عز وجل قد يحرم عبده المؤمن من الدنيا فيبقى فقيراً كـ سعد رضي الله عنه، يقول سعد ولا بأس أن نعود إلى كلمة له:[[والله الذي لا إله إلا هو لقد أتت علي أيام في أول الإسلام ما لنا طعام إلا ورق الشجر، ولقد كنا نأكل من أوراق الشجر حتى تشرمت أشداقنا -أصبحت مثل أشداق الجمال من أكل أوراق الشجر- قال: فانتهى ورق الشجر حتى وجدت جلد ميتة فأخذته فأحرقته بالنار ثم سحقته ثم شربته على الماء]] هل بقي وراء هذا جوع؟ ولكن ادخر الله لهم الجنة، مقعد صدق عند مليك مقتدر.
ومن سيرة سعد نأخذ أن الفضل في الإسلام بالبلاء الحسن والأسبقية، وليس بالتبجح بالكلمات، فإن أكثر الناس قدماً عند الله أكثرهم بذلاً وعطاء وعبادةً، وزهداً ودعوة وإخلاصاً وكرماً، فهذا هو المقدم عند الله، فلا للأسرة، ولا للمنصب، ولا للمال، ولا للولد.
الدرس الخامس: اعتزال الناس عند الفتن، فإذا أتت الفتن والخصومات والمشاكل في القرى أو المدن فالأسلم للمؤمن أن يعتزل الفتنة، إما أن يبقى في بيته ولا يحضر إلا الجماعات والجمعة والعيد، وإما أن يخرج إلى قرية أخرى.
وعند البخاري من حديث أبي سعيد:{يوشك أن يكون خير مال المرء المسلم غنماً يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن}.
فسلام على سعد في الخالدين، وجمعنا الله به مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ونسأل الله أن يثبتنا كما ثبت عباده المؤمنين.