للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[تحدي شبح الموت]

متى كان أبناء طارق، وأحفاد صلاح الدين وعمر يخافون الموت؟ متى كان اليهود يركبون طائرات (ميراج إف خمسة عشر) ويتحدون كرامة الأمة وميراث الأمة؟! متى كانت الأمة إذا شعرت بالزعزعات تذهب إلى الأرز والسكر والفوانيس تشتريها من الأسواق وتتكمم بالكمامات؟! سبحان الله!

أليس جدكم عقبة بن نافع هو الذي وقف على المحيط الأطلنطي على فرسه، يقول: [[والله لو أعلم أن وراءك أرضاً لخضت بفرسي هذا البحر لأرفع لا إله إلا الله]] أليس عقبة هو الذي تكلم مع الحيات والعقارب والوحوش في صحراء أفريقيا، وقال: ادخلي جحورك فإنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟! أليس عبد الله بن عمرو ضرب ثمانين ضربة بالسيف وكان يقول:

[[اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضى]] فمن فتح العالم إلا أنتم؟!! وقد كان الصحابي إذا سمع الصوت يخرج بالسيف، لكن لما خانت الأمة حيَّ على الصلاة، خانت حيَّ على الكفاح.

من خان حيَّ على الصلاة يخون حيَّ على الكفاح

تنتظر ممن لا يصلى الفجر جماعة أن يذهب إلى الجبهة يكافح العدو، أو ينصر مقدساته أو يحمي عرضه، أو يرفع لا إله إلا الله؟! أتنتظر ممن يسمر إلى الثانية في منتصف الليل على البلوت والكيرم وهوايته جمع الطوابع والمراسلة أن يكون قوياً شجاعاً يلبس كفن الموت؟! لا.

ولنا في اليمن آية: أرادت بريطانيا قبل سنوات أن تحتل اليمن الشمالي، وكان عندهم أثارة من عقيدة، لا زالت أمة لم تفسد إلى هذا المستوى، فزحفت الدبابات من عدن تريد اليمن الشمالي، فقام أحد العلماء وطلب الخطبة في الجامع الكبير بـ صنعاء -الجامع هذا يحضره ألوف مؤلفة من اليمنيين- وأخذ الخطبة بصلاة الجمعة، وافتتحها بـ الحمد لله منزل الكتاب، مجري السحاب، هازم الأحزاب، ثم بدأ بالخطاب في قصيدة إلى بريطانيا يقول:

يا بريطانيا رويداً رويدا إن بَطشَ الإله كان شديدا

كانت الطائرات في أثناء الخطبة تضرب صنعاء.

إن بطش الإله أهلك فرعون وعاداً من قبلكم وثمودا

لا تظنوا هدم المدائن يوهي عزمنا أو يلين بأساً صلودا

إن تبيدوا من البيوت بطياراتكم ما غدا لدينا مشيدا

فلنا في الجبال تلك بيوتٌ صنعتها أجدادنا لن تبيدا

ثم التفت إلى الطيارين وقال:

فالنزال النزال إن كنتم ممن لدى الحرب لا يخاف الجنودا

يقول: انزلوا في الأرض إن كنتم شجعان.

لتروا من يبيت منا ومنكم موثقاً عند خصمه مصفودا

ما خضعنا للترك مع قربهم في الدين منا فكيف نرضى البعيدا

الأتراك مسلمون وما خضعنا لهم، فكيف أنتم يا وجوه الخواجات، ويا وجوه العمالات والخيانات؟!

ما خضعنا للترك مع قربهم في الدين منا فكيف نرضى البعيدا

وهم في الأنام أشجع جيش فاسألوهم هل صادفونا فهودا

ثم يقول: ويلتفت بدعوى إيمانية للناس.

يا بني قومنا سراعاً إلى الله فقد فاز من يموت شهيدا

سارعوا سارعوا إلى جنة قد فاز من جاءها شهيداً سعيدا

والبسوا حلة من الكفن الغالي وبيعوا الحياة بيعاً مجيدا

وأفغاني ضرب بيته بقذيفة فأخذت القذيفة البيت بما فيه، وتسعة أطفال وزوجته، أتدرون ماذا فعل؟ يقولون: أخذ الرشاش وذهب إلى الجبهة يقاتل، وبترت قدمه بعد أن قتل أربعة عشر شيوعياً، وهكذا ربى الرسول صلى الله عليه وسلم الإنسان، على أن يتلقى الموت في أي لحظة، والله يقول: {قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ} [الطور:٣١] {وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا} [التوبة:٥٢].

اليمنيون لما خرجوا من المصلى لبسوا الأكفان، وأخذوا الرشاش، ودكوا بريطانيا وأسقطوا الطائرات بهذا السلاح الرشاش، وانهزمت بريطانيا أمامهم.

والشعوب يوم تؤمن بلا إله إلا الله لا يغلبها أحد.

لماذا يخاف أطفالنا؟ نحن نخاف لثلاثة أسباب:

الأول: الضعف العقدي عندنا وعدم التوكل.

نقول بألسنتنا التوكل، لكن التوكل ضعيف، التوكل ليس موجوداً.

الثاني: أراد بعض الناس أن يحسن، فارتكب خطأ فاحشا ًكمن ينشر الآن تضخيم حاكم العراق، وفي ذات مرة رسموه وأسنانه كالخناجر، وعيونه تقدح شرراً، حتى أغمي على الأطفال في البيوت، وهذه حرب معنوية ساحقة، ومن الحكمة أنك لا تهول في شأن عدوك وتضخمه، وفي كل ملف تجد: سوف يقتل الناس هذا السفاك، ورأيت صورة لو ترونها -تمر دائماً باستمرار- يحمل خنجراً يقطر دماً، وهذا رعب، وقد فعلوه مع مناحم بيجن، وصفوه أنه ارهابي في دير ياسين، ويقتل حتى أغمي على الناس من ذكره، وهذا ليس بصحيح، لا قوي ولا عظيم إلا الله؛ قال تعالى: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران:١٦٠].

والأمر الثالث: أنه لا بد أن يغطى الفراغ عند الناس، فراغ الهاجس، الأمة تعيش وساوس، والذي لا يشتغل بالحق يشتغل بالباطل، والمؤمن كما يقول عمر: [[إذا فرغ غفل]] فلا فراغ عند المؤمن، وأكثر الأمراض عند بعض الشباب من هذه الوساوس، أنه لا يقرأ القرآن، ولا يحفظ الحديث، ليس عنده عمل أو كسب، فيبقى في بيته حتى تأتيه الخطرات، ويتصور الموت ليل نهار، وكأنه قد مات، الجبان يموت في اليوم ألف مرة والشجاع لا يموت إلا مرة واحدة في عمره.

وابن القيم يرى في زاد المعاد أن من أسباب انشراح الصدر سعة البال وشجاعة القلب.

يا إله الخلق بل يا ذا الجلال يا خفي اللطف يا رب النوال

قد دهتنا كربة ليس لها غيرك اللهم يا مرسي الجبال

<<  <  ج:
ص:  >  >>